تنبت الوردة من الجرح.. تحت هذا الشعار يزخر التاريخ الإسلامي بالعديد والعديد من الأبطال الذي أضاءت أسمائهم الدنيا من أقصاها إلى أقصها في قصص ملحمية لزالت تروى حتى الآن
إبراهيم العطار
ومن الأبطال القائد إبراهيم علي العطار الذي كان من أبرز الشخصيات العسكرية في أواخر عهد الأندلس، وُلد عام 1401 وتوفي في 1 يناير 1483.
شغل القائد العطار، منصب والي مدينة لوشة، إحدى المدن المهمة في مملكة غرناطة، وكان معروفًا بشجاعته وولائه للأسرة الحاكمة.
مسيرته العسكرية
بدأ العطار حياته كتاجر توابل، لكنه سرعان ما تحول إلى قائد عسكري بارز. في عام 1470، تولى منصب والي لوشة، وبرز اسمه في معركة إل مادرونو عام 1462، حيث شارك في إعادة العرش لأبو الحجاج يوسف الخامس.
وأصبح العطار في تلك الفترة قائدا معروفًا بشجاعته، حتى إن الإسبان وصفوه بالقائد الأسطوري.
وكان تحدث للمؤرخ الإسباني “مانويل فرنانديز”، عن العطار قائلاً: “كان إبراهيم العطار يمثل الأندلس كلها في شجاعته وصموده، لم يكن مجرد والي مدينة، بل حارس حلمٍ آخذٍ بالانطفاء.”
معركة لوسينا واستشهاده
بفضل عبقريته في الإدارة والقتال، حوّل العطار مدينة لوشة إلى قلعة منيعة، طور تحصيناتها، نظم جيشها، وأنشأ مشروعات ريّ ساعدت على ازدهار الزراعة والتجارة.
كانت لوشة آنذاك تمثل الجدار الحامي لما تبقى من غرناطة الإسلامية، ولم تكن علاقته بالسكان مقتصرة على الجانب العسكري فقط.
بحسب روايات تاريخية محلية: “كان العطار رجلاً محبًا للسلام، حافظ على علاقات طيبة مع المسلمين والمسيحيين واليهود داخل المدينة، على الرغْم طبول الحرب التي كانت تقرع حوله.”
في أبريل من عام 1483م، خرج العطار على رأس قوة صغيرة لدعم السلطان أبي عبد الله الصغير الذي وقع في الأسر قرب بلدة لوسينا، ورغم النجاحات الأولية، تعرض الجيش العطار الصغير لهجوم مفاجئ من القوات القشتالية.
ورغم إدراك القائد المغوار لفارق القُوَى الهائل، تقدم بشجاعة لإنقاذ السلطان، مما أوقعه في كمين محكم نصبه القشتاليون بقيادة رودريجو بونس دي ليون، مما أدى إلى مقتل العطار في أثناء دفاعه عن أميره، وأسر الأمير أبو عبد الله الصغير.
رفض الاستسلام
قاتل العطار قتال الأبطال، وتقول الروايات إنه قتل العشرات قبل أن تحاصره القوات القشتالية من جميع الجهات، رفض الاستسلام، وظل يقاتل حتى سقط شهيداً فوق تراب المعركة.
وفي ذلك الصدد يصف المؤرخ “أنطونيو جارسيا” المشهد قائلًا:”لم يمت إبراهيم العطار مهزوماً، بل انتصر في موته، إذ أجبر أعداءه على أن يحترموه وهو يسقط.”
اعتُبر هذا الحدث نقطة تحول في تاريخ غرناطة، حيث بدأت المملكة في الانهيار بعد فقدانها لأحد أبرز قادتها.
إرثه وتكريمه
تكريمًا لشجاعته، أقامت مدينة لوشة تمثالًا للعطار، واحتفظ الإسبان بسيفه في أحد متاحف غرناطة؛ يُذكر أن الملكة إيزابيلا وصفت العطار بالأسطوري، تقديرًا لبسالته في الدفاع عن المدينة على الرغْم التفوق العددي للقشتاليين.
يُعد إبراهيم العطار رمزًا للمقاومة والشجاعة في تاريخ الأندلس، وخلدت ذكراه كأحد القادة الذين دافعوا عن مملكتهم حتى النهاية.