صحة القلب ليست مجرد رفاهية، بل هي حجر الزاوية لحياة نشطة وطويلة. لذلك، فإن الالتزام بالأدوية الموصوفة لعلاج ارتفاع ضغط الدم أو الكوليسترول ليس خياراً ثانوياً، بل ضرورة لحماية المرأة من النوبات القلبية والسكتات الدماغية. لكن في المقابل، كثيراً ما تثار تساؤلات من مريضاتي حول تأثير هذه الأدوية على الصحة الحميمة، خصوصاً صحة المهبل
الحقيقة أن المشكلة لا تقتصر فقط على الأدوية، فالأمراض القلبية الوعائية نفسها—مثل تصلب الشرايين وارتفاع الضغط المزمن—قد تحد من تدفق الدم إلى الأعضاء التناسلية، وهو ما يضعف الإثارة الجنسية ويقلل الإفرازات الطبيعية. ومن هنا يصبح الالتزام بالعلاج جزءاً من تحسين الصحة العامة، بما فيها الصحة الجنسية.
أولاً: أدوية الضغط… بين الفوائد والمضاعفات
تختلف الآثار الجانبية لأدوية ضغط الدم باختلاف الفئة الدوائية، وبعضها قد يترك بصمته على صحة المهبل:
مدرات البول (Diuretics):
رغم فعاليتها في خفض الضغط، إلا أنها تسبب جفافاً عاماً في الجسم، يشمل المهبل، مما قد يؤدي إلى الشعور بعدم الراحة أثناء العلاقة الحميمة.

حاصرات بيتا (Beta-blockers):
تقلل من جهد القلب لكنها قد تؤثر على تدفق الدم إلى الأعضاء التناسلية، وبالتالي تخفض الإثارة والإفرازات المهبلية. هذا الأثر شائع أكثر مع الأجيال القديمة من هذه الأدوية.
مثبطات الإنزيم المحول (ACE inhibitors) وحاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين (ARBs):
هذه الفئات أقل تأثيراً سلبياً على الوظيفة الجنسية، بل إن بعض الدراسات أظهرت تحسناً ملحوظاً لدى النساء اللواتي يتناولنها.
حاصرات ألفا:
قد تؤدي إلى آثار جانبية خاصة مثل سلس البول، ما يستدعي استشارة دقيقة قبل وصفها.
ثانياً: أدوية الكوليسترول (الستاتينات)… هل تهدد صحة الهرمونات؟
الكوليسترول ليس عدواً مطلقاً، بل لبنة أساسية لتصنيع الهرمونات الأنثوية مثل الإستروجين والبروجستيرون. لذلك من الطبيعي أن يُطرح تساؤل:
هل يؤدي خفض الكوليسترول بالأدوية إلى اضطراب في صحة المهبل؟
الدراسات العلمية طمأنتنا هنا؛ فقد أثبتت أن الستاتينات لا تُحدث تغييرات جوهرية في مستويات الهرمونات الأنثوية ومع ذلك، تبقى العلاقة بين الكوليسترول والصحة الجنسية معقدة، وهو ما يجعل من الضروري النظر إلى الصورة السريرية الشاملة لكل مريضة وعدم الاكتفاء باستنتاج واحد.
ثالثاً: جفاف المهبل… الأسباب متعددة والحل ممكن
لا ينبغي أن يُلقى اللوم كله على أدوية القلب. فجفاف المهبل قد ينشأ أيضاً بسبب:
* انخفاض الإستروجين بعد سن اليأس أو أثناء الرضاعة.
* التوتر والقلق المزمن.
* بعض الأدوية الأخرى مثل مضادات الاكتئاب ومضادات الهيستامين.
الحلول قد تشمل:
* استخدام مرطبات أو مزلقات طبية.
* علاج هرموني موضعي في حالات مختارة.
* مناقشة تعديل الخطة العلاجية مع الطبيب إذا كان الدواء هو السبب.
كلمة أخيرة
أؤكد دائماً لمريضاتي أن صحة القلب وصحة المهبل وجهان لعملة واحدة. فلا ينبغي أن يكون علاج القلب على حساب جودة الحياة الحميمة. الحوار الصريح مع الطبيب، والمتابعة الدقيقة، هما الطريق لتحقيق التوازن بين الحماية القلبية والحفاظ على حياة زوجية صحية ومريحة.

