ما بين السباق الاقتصادي والصراع على الموارد، تبدو أعماق المحيطات مسرحًا جديدًا للمنافسة بين القِوَى الكبرى.
ترامب
وفي ذلك الصدد وفي خطوة أثارت جدلاً دولياً وبيئياً واسعاً، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرسوماً يفتح الباب أمام التعدين في أعماق المحيطات، بما يشمل المياه الدولية، في تحرك وصفته الصين بأنه انتهاك صارخ للقانون الدُّوَليّ.
ويهدف المرسوم إلى تسريع وتيرة إصدار التصاريح اللازمة لاستكشاف واستخراج المعادن الثمينة من قاع البحار، سواء داخل المياه الإقليمية الأمريكية أو خارج نطاق السلطات القضائية للولايات المتحدة.
وقد كلف المرسوم وزيري التجارة والداخلية باتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك.
بكين ترد بعنف
وفي أول رد رسمي، اعتبرت وزارة الخارجية الصينية أن هذا القرار الأمريكي يضر بمصالح المجتمع الدُّوَليّ، متهمة واشنطن بانتهاك القانون الدُّوَليّ من خلال التنقيب في ما يُعرف بـ”الجرف القاري الخارجي”، وهو ما يتجاوز حدود السيادة الوطنية لأي دولة.
وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية جوو جياكون: “الولايات المتحدة تشرعن التنقيب غير القانوني عن المعادن في المياه الدولية، وهذا يشكل تهديداً حقيقياً للنظام البحري العالمي.”
قلق بيئي وتحذيرات دولية
من جانبها، أعربت منظمات حماية البيئة عن قلقها العميق من الأضرار المحتملة التي قد تُلحقها هذه الأنشطة بالأنظمة البيئية البحرية، خصوصاً في مناطق لم تُستكشف بعد بشكل كافٍ.
وحذّر نائب رئيس منظمة أوشن كونسيرفانسي، جيف ووترز، قائلاً: “الولايات المتحدة تمهد الطريق لدول أخرى للقيام بالمثل، مما قد يؤدي إلى تبعات بيئية كارثية على المحيطات.”
معادن استراتيجية
وفقاً لمسؤولين أمريكيين، تستهدف عملية التعدين العُقيدات متعددة المعادن، وهي تكوينات حجرية توجد في قاع المحيط، غنية بمعادن استراتيجية مثل المنغنيز، النيكل، الكوبالت، النحاس، والمعادن الأرضية النادرة، المستخدمة في السيارات الكهربائية، الألواح الشمسية، والهواتف الذكية.
وتقدّر إدارة ترامب أن التعدين في أعماق البحار يمكن أن: يستحدث 100 ألف وظيفة، ويضيف نحو 300 مليار دولار للناتج المحلي الأمريكي خلال عقد واحد.
كما أكد أحد المسؤولين: أن واشنطن “نرغب في أن تتفوق الولايات المتحدة على الصين في هذا المجال الحيوي.”
تحدي السلطة الدولية
يطرح القرار الأمريكي تساؤلات كبيرة حول صلاحيات السلطة الدولية لقاع البحار، وهي هيئة أنشئت بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، لتشرف نظريًا على قاع المحيطات خارج حدود الدول. علماً أن الولايات المتحدة لم تصادق رسميًا على هذه الاتفاقية.
ورغم أن عمليات التعدين في قاع البحار لم تبدأ بعد بشكل فعلي في أي مكان بالعالم، فإن بعض الدول مثل اليابان وجزر كوك منحت تراخيص للتنقيب داخل مناطقها الاقتصادية الخاصة.
وفي 2023، وجّه 31 نائبًا جمهوريًا في الكونجرس الأمريكي رسالة إلى وزير الدفاع، طالبوا فيها إدارة بايدن بالسماح بالتعدين البحري، لكن الإدارة حينها لم تُصدر ردًا رسميًا.