في تطور يثير مخاوف الفلسطينيين، تتزايد التهديدات التي تواجه قرية خان الأحمر الواقعة في تلال الضفة الغربية شرق القدس، وذلك عقب إعلان إسرائيل الموافقة على إنشاء طريق جديد مخصص للمركبات الفلسطينية، يُنظر إليه على نطاق واسع كمقدمة لضم المنطقة.
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أقرت، في مارس/آذار الماضي، إقامة طريق بديل للفلسطينيين، لتجنب مرورهم عبر ما تصفه تل أبيب بالممرات “الحساسة أمنياً”، وتحديدًا في قلب منطقة الضفة الغربية المتنازع عليها.
طريق بديل أم مقدمة للضم؟
يرى الفلسطينيون أن الطريق البديل يمثل فصلًا قسريًا عن القدس الشرقية، التي يعتبرونها عاصمة دولتهم المستقبلية، في حين تؤكد إسرائيل أن المدينة المقدسة، بشقيها الشرقي والغربي، هي عاصمتها الموحدة والأبدية.
ووفقًا لنشطاء وسكان محليين، فإن الطريق الجديد يمهد لتوسيع المستوطنات وبسط السيطرة الإسرائيلية على منطقة استراتيجية تُعرف باسم “E1″، وهي منطقة حيوية تربط مستوطنة معاليه أدوميم بالقدس، وتخطط إسرائيل لبناء آلاف الوحدات السكنية والمرافق العامة فيها، رغم معارضة المجتمع الدولي.
قلق في خان الأحمر
من جهته، صرّح عيد الجهالين، أحد وجهاء قرية خان الأحمر البدوية، بأن الهدف من المشروع هو تفريغ المنطقة من سكانها الفلسطينيين. وقال:
“إذا أقاموا الطريق هناك، فهذا يعني أنهم ضمّوا المنطقة… وسينقطع تواصلنا مع المستشفيات والجامعات والخدمات الأساسية، وسنخضع بالكامل لإمرة الجنود الإسرائيليين.”
وتقع القرية وسط حلقة من المستوطنات وتبعد حوالي 10 كيلومترات عن البلدة القديمة في القدس، ويبلغ عدد سكانها نحو 173 شخصًا. وقد شهدت القرية عام 2018 مواجهات عنيفة إثر محاولة إسرائيل إخلاءها بالقوة، وتسليم أوامر عسكرية للسيطرة على مداخلها.
الجدار الفاصل وتداعياته
تندرج المنطقة التي تشمل خان الأحمر وE1 ومعاليه أدوميم ضمن مخطط الجدار العازل الذي تسعى إسرائيل لاستكماله. وبينما تقول الحكومة الإسرائيلية إن الجدار يهدف إلى منع الهجمات المسلحة، يرى الفلسطينيون أنه عنصري الطابع ويعمّق من عزلهم ويحد من حريتهم في التنقل.
وفيما لم تبدأ أعمال البناء فعليًا في منطقة E1، يُخشى أن يكون إنشاء الطريق البديل ذريعة لتسريع بناء المستوطنات واستكمال مشروع الضم غير المعلن.
نظام أشبه بالمخيمات
تصف منظمات حقوقية إسرائيلية، مثل “عير عميم”، المشروع بأنه وسيلة للضم الفعلي، حيث تسمح إسرائيل ببناء المستوطنات على امتداد الطريق، بينما يُجبر الفلسطينيون على المرور عبر طرق فرعية أو أنفاق معزولة.
ويقول آفي تاتارسكي، من منظمة “عير عميم”: “إنهم يسعون لجعل مشروع الضم واقعًا، عبر دمج المنطقة بالمستوطنات المحيطة واعتبارها جزءًا من القدس الكبرى.”
ويحذر محمد مطر، من لجنة مقاومة الجدار والاستيطان، من أن الطريق الجديد لن يخدم الفلسطينيين، بل سيساهم في تحويل بلدات مثل العيزرية إلى أشبه بالمخيمات المعزولة، ويفصلها تمامًا عن القدس.
رمزًا للمقاومة
وتعد خان الأحمر تمثل رمزًا للمقاومة الفلسطينية في وجه التهجير، فالمشروع الإسرائيلي لبناء طريق بديل قد يؤدي إلى ضم فعلي لمنطقة E1.
بينما منظمات حقوقية تعتبر الخطوة تمهيدًا لتوسيع المستوطنات وتحقيق تواصل عمراني إسرائيلي يفصل القدس عن محيطها الفلسطيني، بينما الخشية الحقيقية تكمن من أن تتحول الطرق البديلة إلى وسيلة لفرض واقع الفصل التام بين الفلسطينيين وعاصمتهم المرجوة.