في انتهاك جديد للأراضي السورية المنكوبة وعقب التوغل الإسرائيلي في الجنوب كشف تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، إن تركيا تستعد للتوغل في الأراضي السورية.
تركيا والتوغل بسوريا
وفي التفاصيل كشفت الصحيفة الأمريكية في تقريرها نقلا عن عدد من كبار المسئولين الأمريكيين، أن تركيا تستعد لهجوم وتوغل واسع في الأراضي السورية بصحبة جماعات مسلحة حليفة على طول الحدود بين البلدين.
حيث تعزز إسطنبول من قواتها في مدينة كوبانى ذات الأغلبية الكردية على الحدود الشمالية لسوريا مع تركيا، أستعدادا للهجوم على الأراضي التي يسيطر عليها الأكراد السوريون أعداء تركيا وحلفاء الولايات المتحدة في دمشق.
وعن تفاصيل القوات المقاتلة؛ كشف تقرير وول ستريت جورنال أن القوات التركية تتشكل من مقاتلون وأفراد كوماندوز بالزي العسكري التركي، ومدفعية بأعداد كبيرة.
حليف أمريكا بسوريا فيما كشف تقرير لوكالة “الأسوشيتد برس” أن أقرب حليف لأمريكا في سوريا يخسر الأراضي مع تبلور نظام جديد بقيادة الثورة المسلحة في سوريا.
تحدث أحمد الشرع، الشهير بـ”أبو محمد الجولاني” قائد المعارضة السورية المسلحة أنه ليس بصدد مقاتلة إسرائيل أو إيران، بل هو في معركة بناء.
فيما يقف الشارع السوري يشاهد ما ستؤول إليه الأمور خلال الأيام المقبلة مع تولي أحمد الشرع القائد العام للإدارة السورية الجديدة الذي أكد في أول حديث له مع “تلفزيون سوريا” إن الإدارة الجديدة لديها خطط منهجية لعلاج التدمير الذي مارسه النظام السابق.
وفي ذلك الصدد لفت تقرير الوكالة الأمريكية إلى كلمات ما وصفهم التقرير الأمريكي بـ”الجهاديون” الذين أطاحوا بالرئيس السوري بشار الأسد، مشددا على إنهم يريدون بناء دولة موحدة وشاملة.
وعن القوات الروسية قال الشرع: “أعطينا الروس فرصة لإعادة النظر في علاقتهم مع الشعب السوري، بحكم تجربتنا الإدارية في إدلب سنتقدم في بقية محافظات البلاد”.
وعن التواصل مع المجتمع الدُّوَليّ قال: “نتواصل مع سفارات غربية ونجري نقاشا مع بريطانيا لإعادة تمثيلها في دمشق، وأهدافنا واضحة وخططنا جاهزة للبناء والتطوير في سوريا”.
تقرير أسوشيتد برس
ووصف تقرير “أسوشيتد برس” تلك الخطوة التي أشار إليها بـ” وضع المثل الأعلى موضع التنفيذ “، بعد ما يقرب من 14 عاماً من الحرب الأهلية، أنه لن يكون بالمهمة السهلة.
وعن الأكراد أوضح التقرير الأمريكي: “بالنسبة للأقلية الكردية في سوريا، الحليف الأقرب لأميركا في البلاد، فإن النضال من أجل نظام جديد يدخل مرحلة قد تكون أكثر صعوبة”.
فعلى مدار الحرب الأهلية في سوريا، صد المقاتلون الأكراد مجموعة من الفصائل المسلحة، ودخلوا في شراكة مع الولايات المتحدة لهزيمة تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية “داعش”، وشكلوا منطقة تتمتع بالحكم الذاتي إلى حد كبير في شرق البلاد الغني بالنفط.
غير أن الأوضاع تغيرت عقب تتقدم ما أسماهم التقرير الأمريكي بـ”المتمردون” في أنحاء سوريا. “على حد وصفه”.
وتابع :”لكن مكاسب الأكراد غير العرب أصبحت الآن في خطر، فمع صعود “المتمردين” العرب السنة الذين أطاحوا بالأسد – بمساعدة حيوية من تركيا، العدو القديم للأكراد – سيجعل من الصعب على الأكراد العثور على مكان في سوريا الجديدة ويمكن أن يطيل أمد الصراع”.
مدينة دير الزور
وقد قام الجهاديون الذين دخلوا دمشق خلال عطلة نهاية الأسبوع بمبادرات سلمية تجاه الأكراد؛ لكن الجهاديون طردوا المقاتلين الأكراد بعنف من مدينة دير الزور الشرقية بعد أيام من تخلي القوات الحكومية عنها.
وفي الشمال، استولى فصيل معارضة منفصل تدعمه تركيا ويقاتل الأكراد منذ سنوات على مدينة منبج؛ ونفذت تركيا غارات جوية على قافلة كردية قالت إنها كانت تحمل أسلحة ثقيلة منهوبة من ترسانات الحكومة.
ولطالما اعتمد الأكراد على المساعدات الأمريكية في مواجهة مثل هذه التحديات؛ ويوجد حوالي 900 جندي أمريكي في شرق سوريا، حيث يتعاونون مع القوات الكردية لمنع عودة تنظيم داعش.
وتابع التقرير الأمريكي، : لكن مستقبل هذه المهمة سيكون موضع شك في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي طالما كان متشككا بشأن تورط الولايات المتحدة في سوريا.
وفيما يلي نظرة فاحصة على المأزق الذي يجد الأكراد أنفسهم فيه؛ وفي البداية علينا أن نعرف من هم المقاتلون الأكراد المتحالفون مع الولايات المتحدة في سوريا؟
يعد الأكراد من بين أكبر المجموعات العرقية عديمة الجنسية في العالم، حيث يتركز حوالي 30 مليون منهم في منطقة تمتد بين تركيا وإيران والعراق وسوريا؛ وهم أقلية في كل بلد وكثيرا ما عانوا من الاضطهاد، الأمر الذي أدى إلى تأجيج الانتفاضات الكردية المسلحة.
وفي سوريا، أقاموا منطقة تتمتع بالحكم الذاتي في وقت مبكر من الحرب الأهلية، ولم يقفوا قط بشكل كامل إلى جانب حكومة الأسد أو المتمردين الذين يسعون إلى الإطاحة به.
عندما استولى تنظيم الدولة الإسلامية على ثلث البلاد في عام 2014، أثبت المقاتلون الأكراد – وهم علمانيون ويضمون نساء في صفوفهم – همتهم في المعارك المبكرة ضد المتطرفين، وحصلوا على الدعم من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
وشكلوا مجموعة تعرف باسم القوات الديمقراطية السورية، التي تضم أيضًا مقاتلين عرب، وطردوا تنظيم “داعش” من مناطق واسعة من سوريا بمساعدة الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة والقوات الخاصة الأمريكية، وفي عام 2017 استولت هذه القوات التي يقودها الأكراد على الرقة، عاصمة الخلافة التي أعلنها المتطرفون.
لماذا تقاتل تركيا الأكراد؟
ولطالما اعتبرت تركيا قوات سوريا الديمقراطية امتدادًا للتمرد الكردي المستمر منذ عقود داخل حدودها، وتعتبر الفصيل الكردي الرئيسي جماعة إرهابية على قدم المساواة مع تنظيم الدولة الإسلامية، وقالت إنه لا ينبغي أن يكون لها أي وجود في سوريا الجديدة.
وفي السنوات الأخيرة، قامت تركيا بتدريب وتمويل مقاتلين معروفين باسم الجيش الوطني السوري، ومساعدتهم على انتزاع السيطرة على الأراضي من الأكراد في شمال سوريا على طول الحدود مع تركيا، وقد صور هؤلاء المقاتلون المدعومين من تركيا أنفسهم كجزء من المعارضة ضد الأسد، لكن المحللين يقولون إن الدافع وراءهم إلى حد كبير هو الانتهازية والكراهية للأكراد.
وركز الأكراد على قتال الجيش الوطني السوري في السنوات الأخيرة، لكن القيادة الجديدة في دمشق، التي تتمتع أيضًا بعلاقات طويلة الأمد مع تركيا، يمكن أن تفتح جبهة أخرى أطول بكثير.
كيف ينظر الثوار السوريون إلى الأكراد؟
ويقود الفصيل الرئيس للجهاديين أحمد الشرع، المعروف سابقا باسم أبو محمد الجولاني، وهو مقاتل سابق في تنظيم القاعدة قطع علاقاته مع الجماعة قبل ثماني سنوات ويقول إنه يريد بناء سوريا جديدة خالية من الدكتاتورية؛ وفي خدمة جميع طوائفها الدينية والعرقية.
وقال نواف خليل، رئيس مركز الدراسات الكردية ومقره ألمانيا، حَسَبَ “أسوشيتد برس”، إن المؤشرات الأولية إيجابية؛ وأضاف الجهاديين ابتعدوا عن جيبين تسيطر عليهما قوات سوريا الديمقراطية في حلب عندما اقتحموا المدينة قبل أسبوعين في بداية تقدمهم السريع في جميع أنحاء البلاد.
وأضاف: “من الإيجابي أيضًا أنهم لم يتحدثوا بشكل سلبي عن قوات سوريا الديمقراطية”.
ويبقى أن نرى ما إذا كانت هذه المشاعر ستستمر؛ وبعد اجتياح دير الزور هذا الأسبوع، نشر مقاتل من جماعة الشرع مقطع فيديو قال فيه إنهم سيتقدمون قريبا نحو الرقة ومناطق أخرى في شرق سوريا، مما يثير احتمال وقوع مزيد من الاشتباكات مع الأكراد.
ولا يزال بإمكان المتمردين السعي إلى التوصل إلى نوع من الاتفاق مع الأكراد لدمجهم في النظام السياسي في مرحلة ما بعد الأسد، ولكن من المرجح أن يتطلب ذلك قبول درجة من الحكم الذاتي الكردي في الشرق. ومن شأنه أيضًا أن يخاطر بإثارة غضب تركيا، التي يبدو الآن أنها وسيط القوة الرئيسي في سوريا.
هل ستدعم إدارة ترامب الأكراد؟
التقى القائد العسكري الأمريكي الأعلى في الشرق الأوسط، الجنرال إريك كوريلا، بقوات سوريا الديمقراطية في سوريا يوم الثلاثاء، في إشارة إلى التزام إدارة بايدن بالتحالف بعد الأسد، لكن الأمور قد تتغير في 20 يناير.
ولم يقدم ترامب سوى القليل من التفاصيل حول سياسته في الشرق الأوسط، إلى جانب قوله إنه يريد إنهاء حروب المنطقة وإبعاد الولايات المتحدة عنها.
في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي قبل وقت قصير من الإطاحة بالأسد، كتب ترامب أن “سوريا في حالة من الفوضى، لكنها ليست صديقتنا، ولا ينبغي للولايات المتحدة أن تفعل أي شيء حيال ذلك. هذه ليست معركتنا”.
وخلال فترة ولايته السابقة، في عام 2019، تخلى ترامب عن الأكراد قبل التوغل التركي، ووصفه بأنه تحقيق لوعد حملته الانتخابية بإنهاء تورط الولايات المتحدة في “الحروب التي لا نهاية لها” في المنطقة.
وأثارت هذه الخطوة انتقادات شديدة، بما في ذلك من الجمهوريين البارزين الذين اتهموه بخيانة حليف له، وتراجع ترامب بعد أسابيع، ووافق على مهمة أوسع لتأمين حقول النفط في الشرق، بقيت القوات في مكانها واستمر التحالف.
أبو محمد الجولاني
ولفت زعيم تحالف المعارضة المسلحة، أبو محمد الجولاني، الأنظار خلال الأيام الماضية بعد السيطرة على ريف ومدينة حلب وعلى مدينة حماة وريفها، وصولا إلى إسقاط نظام بشار الأسد.
وأبو محمد الجولاني، واسمه الحقيقي أحمد الشرع، مواطن عراقى اكتسب خبرة كمقاتل شاب في صفوف تنظيم القاعدة ضد الولايات المتحدة في العراق خلال الغزو الأمريكي قبل القبض عليه وسجنه في العراق.
فيما يبقى الشعب السوري وحده يدفع فاتورة فادحة من قوت يومه على أمل أن تعود سوريا إلى سابق عهدها في حضن الوطن العربي الكبير الذي يعاني من النكبات.