في واقعة مؤلمة هزّت الضمير المجتمعي وأثارت موجة من الاستنكار والغضب، أصدرت محكمة جنايات دمنهور – الدائرة الأولى حكمًا بالسجن المؤبد على متهم يبلغ من العمر أكثر من 70 عامًا، وذلك في القضية رَقْم 33773 لسنة 2024 جنايات مركز دمنهور، المعروفة إعلاميًا باسم قضية “طفل لام شمسية – ياسين”، بعد إدانته بهتك عرض طفل لم يتجاوز عمره ست سنوات.
صدر الحكم برئاسة المستشار شريف كامل مصطفى، وعضوية المستشارين أحمد حسونة عزب وأدهم محمد سعيد، وبحضور وكيل النائب العام أحمد عثمان سليم، وأمانة سر السيد عبد الموجود الوزيري.
تفاصيل الواقعة
أوضحت المحكمة في حيثياتها أنها اطمأنت إلى أدلة الثبوت المقدمة من النيابة العامة، التي شملت أقوال الطفل المجني عليه، وشهادات والديه، وشهود الإثبات، إضافة إلى تقرير الطبيب الشرعي، والعرض القانوني الذي تعرف من خلاله الطفل على المتهم.
وتبين أن المتهم، وهو موظف بالمعاش كان يعمل مراقبًا ماليًا بإحدى المدارس منذ عام 2015، اعتاد التردد على المدرسة يومين أسبوعيًا، ما أتاح له التواصل المباشر مع الأطفال وخلق عَلاقة مألوفة بينهم، ما جعله موضع ثقة وأمان في نظرهم.
استغلال للثقة والسلطة
وفقًا للتحقيقات، استغل المتهم هذه الثقة ومكانته الوظيفية ليقوم باستدراج الطفل إلى دورة مياه داخل المدرسة، حيث قام بالتعدي عليه بالقوة، بعد تقييد حركته، وتكميم فمه، وضربه، والاعتداء عليه أكثر من مرة، في سلوك وصفته المحكمة بأنه انحراف تام عن الفطرة الإنسانية، وخيانة جسيمة للمسؤولية الأخلاقية والمهنية.
تكييف الجريمة قانونيًا
رأت المحكمة أن الواقعة تنطبق تمامًا على جريمة هتك العرض بالقوة المنصوص عليها في المادة 286 من قانون العقوبات، المعدلة بالقانون رَقْم 11 لسنة 2011، التي تنص على أن من هتك عرض إنسان بالقوة أو التهديد يُعاقب بالسجن المشدد.
ولأن المجني عليه طفل دون الثامنة عشرة، والمتهم من العاملين بالمؤسسة التعليمية، وهما ظرفان مشددان نصت عليهما الفقرة الثانية من المادة 267، فقد رأت المحكمة وجوب توقيع عقوبة السجن المؤبد على المتهم.
العدالة تنتصر للطفل
أكدت المحكمة في حكمها أن ما ارتكبه المتهم لا يعد فقط جريمة ضد طفل، بل جريمة ضد المجتمع بأسره، وانتهاك صريح لمبادئ الأمان داخل المؤسسات التعليمية. كما أشارت إلى أن العقوبة تأتي ردعًا لكل من تسوّل له نفسه ارتكاب مثل هذه الأفعال، وصونًا لكرامة الطفل وحقه في حياة آمنة وسليمة.
الدعوى المدنية
أما عن الدعوى المدنية التي أقامها ولي أمر الطفل ضد المتهم، فقد رأت المحكمة أن البت فيها يتطلب تحقيقات موسعة، ومن ثم قررت إحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة، وذلك عملًا بالمادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية، حرصًا على عدم تعطيل الفصل في الدعوى الجنائية.
نص الحكم النهائي
“حكمت المحكمة حضوريًا بمعاقبة المتهم (ص) بالسجن المؤبد عما أُسند إليه، وإلزامه بالمصاريف الجنائية، كما قررت إحالة الدعوى المدنية المقامة من الولي الطبيعي للطفل المجني عليه إلى المحكمة المختصة وأبقت الفصل فيها.”