تحظى الحضارة الفرعونية بإعجاب العالم اجمع والتقدير في كافة بقاع الأرض، على الرغم من ذلك فتلك الحضارة التي ساهمت بشكل أساسي في تشكيل البشرية لها جانب مظلم ظل لغز للعامة والعلماء على حد سواء.
المقابر الفرعونية
وفي ذلك الصدد وعلى الرغم من نفي الأثريين للقوى الخفية التي تنال من أي شخص يفتح المقابر الفرعونية انتشرت روايات اللعنة كالنار في الهشيم بل أن البعض يؤمن إيمان حقيقي بلعنة الفراعنة.
البوتريسين
وفي دراسة علمية حديثة بشراكة أمريكية بريطانية تم أخيرا كشف السر وراء تلك اللعنة الرهيبة، التي تكمن في رائحة الموت التي يسببها مركب كيميائي يسمى “البوتريسين”.
روايات اللعنة
ووجدت روايات اللعنة المرعبة انتشارا بسبب كتابات عثر عليها في المقابر الفرعونية تهدد من يقترب منها.
سيواجه الموت
شملت تلك الروايات نص يقول فيه صاحب المقبرة “ملعونون هم الذين يقلقون راحة الملك، فمن يكسر ختم هذه المقبرة سيواجه موتًا بواسطة مرض يعجز أي طبيب عن تشخيصه، وبالنسبة للذين يدخلون مقبرتي، هم نُجساء سيحاكمون، وسأهجم عليهم كطائر لأبث رُعبي فيهم”.
اللورد كارنارفون
ورغم وفاة بعض من مكتشفي المقابر الفرعونية لأسباب معروفة، مثل وفاة اللورد كارنارفون، نتيجة لدغة بعوضة مصابة في أثناء وجوده على ضفاف نهر النيل، إلا أن هذه الوفاة صارت المحرك الرئيس لانتشار رواية اللعنة.
مقبرة توت عنخ آمون
وكارنارفون هو الممول لبعثة عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر، التي اكتشف خلالها مقبرة توت عنخ آمون، وكان حاضرا لحظة فتح المقبرة.
كتاب الموتى المصري
كما يُذكر أن آرون إمبر، عالم المصريات المقرب من كارنارفون، توفي في عام 1926 نتيجة حريق في منزله، على الرغْم أنه كان لديه الوقت الكافي للهروب، حيث اندفع نحو اللهب لاستعادة مخطوطة كان يعمل عليها بعنوان “كتاب الموتى المصري”.
خرافة
ورغم تأكيد علماء الآثار على أن الربط بين هذه الحوادث و لعنة الفراعنة ليس إلا خرافة، وأن الكثير من الزوار الذين اقتربوا من المقبرة عاشوا حياة طويلة، إلا أن دراسة حديثة فتحت الباب لتفسير نفسي لظاهرة لعنة الفراعنة، فقد تناولت تأثير رائحة الموت على سلوك البشر.
البوتريسين
ورائحة الموت التي تعنيها الدراسة المنشورة بدورية “فورنتيرز إن سيكولوجي”، هي مركب كيميائي يُعرف باسم “البوتريسين”، الذي يفرزه الجسم بعد الموت، ويُعرف برائحته الكريهة المرتبطة باللحم المتعفن.
التهديدات البيئية
وخلال الدراسة، وجد الباحثان أرنو ويسمان من جامعة كنت البريطانية، إيلان شريرا من جامعة أركنساس للتكنولوجيا بأمريكا، أن التعرض القصير لهذا المركب يحفز استجابات تتعلق بإدارة التهديدات البيئية.
تجارب
وهذه النتائج الأولى من نوعها التي تثبت أن مركبا معينا مثل البوتريسين يمكن اعتباره إشارة تهديد؛ فيما توصل الباحثان لهذه النتيجة بعد مجموعة من التجارب المدروسة:
قياس تأثير البوتريسين
التجربة الأولى: استهدفت قياس تأثير البوتريسين على مستوى اليقظة؛ قُسم المشاركون إلى ثلاث مجموعات: مجموعة تعرضت للبوتريسين، وأخرى للأمونيا، وثالثة للماء. بعد ساعة من التعرض، خضع المشاركون لاختبار ردود الفعل من خلال النقر على نقطة حمراء بأسرع ما يمكن.
سلوك الهروب
التجربة الثانية: ركزت على مدى تأثير البوتريسين على سلوك الهروب؛ تعرض المشاركون لرائحة إما من البوتريسين أو الأمونيا أو الماء، وتم قياس الوقت المستغرق للمشي لمسافة 80 مترًا.
إكمال كلمات ناقصة
التجربة الثالثة: تم التركيز فيها على سلوك الهروب وأفكار المشاركين، حيث تعرضوا للبوتريسين، الأمونيا، أو الماء، وطُلب منهم إكمال كلمات ناقصة ثم المشي لمسافة 60 مترًا لقياس الزمن.
السلوكيات الدفاعية
التجربة الرابعة: اختبرت تأثير البوتريسين على السلوكيات الدفاعية، حتى عندما لم يدرك المشاركون الرائحة. تعرضوا لتركيزات منخفضة من البوتريسين والأمونيا، ثم طلب منهم قراءة مقالة نقدية عن القيم الغربية.
أكثر يقظة
وأظهرت النتائج أن المشاركين الذين تعرضوا لـ “البوتريسين” كانوا أكثر يقظة، حتى دون وعيهم برائحتها، كما أظهروا سرعة أكبر في المشي في أثناء التجارب وسلوكيات دفاعية أكثر عدوانية مقارنة بالمجموعات الأخرى، وهو ما يُحتمل أن يكون رد فعل للبقاء في مواجهة المخاطر.
التهديد الناتج عن البوتريسين
ويشير الباحثان إلى أن الخطوة التالية ستكون فهم طبيعة التهديد الناتج عن البوتريسين، سواء كان ميكروبيا أو مفترسا، وذلك لتحديد نوع التهديد الذي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار.
لا وجود للعنة
فيما تنفي وجهات نظر الأثريين ومنهم العالم المصري زاهي حواس نظرية لعنة الفراعنة مؤكدًا أن لا وجود للعنة، مشيرا إلى أن “هناك إجراءات أصبحنا نتبعها لتفادي مثل هذه الميكروبات المرتبطة بالهواء الفاسد المحبوس داخل المقبرة، والمسبب للرائحة الكريهة، وهي إحداث فَتْحَة صغيرة في المقبرة تسمح بخروج الهواء الفاسد ودخول الهواء النقي، وذلك قبل يومين من دخولها”.
مصر القديمة
وبين الحقيقة والأسطورة تبقى لعنة الفرعنة السر المشترك بين الماضي والحاضر في عالم من الخيال الذي يفرض هيبة ملوك عظماء حكموا الأرض في مصر القديمة.