شهدت الحرب العالمية الثانية أحداث دامية برز من خلالها العديد من الأبطال في ساحات المعارك.
من ضمن ابر القصص قصة القناصة السوفياتية الشهيرة لودميلا بافليتشينكو، التي لم تكن حياة الشخصية خالية من الصعوبات
حيث حصلت لودميلا بافليتشينكو، التي وُلدت في أوكرانيا، على لقب “سيدة الموت” بعدما أحرجت المجندين الذين طلبوا منها أن تصبح ممرضة بدلا من الانضمام للقتال.
جامعة كييف
بدأت قصة القناصة الشهيرة من جامعة كييف، حيث كانت بافليتشينكو تدرس التاريخ عندما غزت القوات الألمانية الاتحاد السوفياتي.
وعندما تقدمت للتجنيد في الجيش الأحمر السوفياتي قوبلت بالسخرية بسبب أظافرها المهذبة وشعرها المرتب، حيث اقترح عليها المجند أن تصبح ممرضة.
لكنها أظهرت شجاعتها بالمشاركة في تجربة عشوائية نظمتها إحدى وحدات الجيش الأحمر، حيث قامت بإطلاق النار وقتل جنديين رومانيين بسهولة، ما أثار إعجاب الوحدة التي قامت بضمها على الفور.
وخلال 75 يوماً فقط قتلت بافليتشينكو 187 نازياً في أوديسا، حَسَبَ “العين الإخبارية”، ومع تصاعد شهرتها ومهارتها كُلفت بمهام أخطر، بما في ذلك مواجهة قناصة العدو مباشرة.
وواجهت بافليتشينكو أعداءها في مواجهات فردية كانت تخرج منها منتصرة على الدوام، حتى إن بعض هذه المواجهات استمرت 24 ساعة كاملة.
وأدرك الألمان خطورتها وحاولوا رشوتها من خلال مكبرات الصوت، عارضين عليها “الكثير من الشوكولاتة” ومنصب ضابط في الجيش النازي، لكنها لم تستجب واستمرت في إنجازاتها، ما دفع الجيش الأحمر إلى ترقيتها إلى رتبة ملازم.
الإصابة والتكريم الدُّوَليّ
في عام 1942 أصيبت بشظايا في وجهها خلال قصف، وتم سحبها من المعركة لتلقي العلاج.
وبسبب شهرتها الكبيرة أُرسلت إلى الولايات المتحدة في يوليو 1942، حيث أصبحت أول سوفياتية يتم استقبالها في البيت الأبيض بدعوة من الرئيس فرانكلين روزفلت، حيث كونت عَلاقة صداقة قوية مع السيدة الأولى إليانور روزفلت، التي طلبت منها القيام بجولة في الولايات المتحدة للحديث عن تجربتها كامرأة في الحرب.
وأثناء الجولة أثارت بافليتشينكو إعجاب الجماهير بذكائها وردودها اللاذعة، فعندما سألها أحد الصحفيين عما إذا كان بإمكان النساء وضع المكياج في ساحة المعركة، أجابت ساخرة “لا توجد قاعدة ضد ذلك، ولكن من لديه الوقت للتفكير في أنفه اللامع في أثناء المعركة؟”.
ولقيت خطبها دعما هائلا وعززت مكانتها كرمز دعائي للجيش الأحمر.
عادت بافليتشينكو إلى الاتحاد السوفياتي بعد الجولة لتدريب القناصين حتى نهاية الحرب في عام 1945. ومن بين 2000 قناصة سوفياتية شاركن في الحرب كانت واحدة من 500 فقط نجوا.
درجة الماجستير
بعد الحرب استأنفت دراستها وحصلت على درجة الماجستير في جامعة كييف، ثم عملت كمساعدة بحثية في البحرية السوفياتية حتى عام 1953، كما أصبحت ناشطة في لجنة المحاربين القدامى السوفياتية.
لكن حياتها الشخصية كانت مليئة بالمآسي، حيث عانت الاكتئاب بعد وفاة زوجها خلال الحرب، ثم تزوجت بعده القناص أليكسي سيتسينكو، لكنه توفي متأثراً بجراحه بعد وقت قصير من زواجهما.
وتوفيت بافليتشينكو عن عمر يناهز 58 عاما في 10 أكتوبر 1974 بسبب سكتة دماغية، ودُفنت في مقبرة نوفوديفيتشي في موسكو.
ولا تزال بافليتشينكو حتى يومنا هذا القناصة الأكثر نجاحاً في العالم، برصيد مؤكد يبلغ 309 قتلى، على الرغم من أن الرَّقَم الحقيقي قد يكون أعلى بكثير لأن الوَفِيَّات المؤكدة كانت تتطلب شهوداً.