يظل قصر البارون إمبان، الكائن بحي مصر الجديدة في القاهرة، واحدًا من أكثر المباني إثارةً للجدل والرعب في التاريخ المصري الحديث؛ شُيّد القصر في أوائل القرن العشرين على يد البارون البلجيكي إدوارد إمبان، الذي أحب مصر فاختار أن يبني قصره على طراز فريد مستوحى من العمارة الهندية الأوروبية.
قصر البارون
ويُعد قصر البارون إمبان واحدًا من أبرز المعالم الأثرية في العاصمة المصرية القاهرة، وأحد التحف المعمارية التي تروي قصة رجل أوروبي مغرم بالحضارة المصرية، فتحوّل قصره لاحقًا إلى مسرح للأساطير وقصص الرعب، قبل أن تعيد الدولة المصرية ترميمه وافتتاحه كمعلم أثري.
من هو البارون إدوارد إمبان؟
ولد إدوارد لويس جوزيف إمبان في بلجيكا عام 1852، وبرز كمهندس ورجل أعمال وممول وصناعي. اشتهر بتأسيس مشروعات للنقل والبنية التحتية في أوروبا ومصر، كان أبرزها مترو باريس وشبكة ترام القاهرة. حصل على لقب “البارون” من الملك البلجيكي ليوبولد الثاني تقديرًا لإنجازاته.
بداية علاقته بمصر
وصل البارون إلى مصر عام 1904 لإنقاذ أحد مشروعاته في مجال النقل، وسرعان ما أحب البلاد وقرر الإقامة فيها. لم يتوقف عند ذلك فحسب، بل شرع في مشروع ضخم بتأسيس حي جديد في الصحراء أطلق عليه اسم هليوبوليس (مدينة الشمس)، ليصبح لاحقًا حي مصر الجديدة.
قصة بناء القصر
في عام 1907، بدأ البارون في بناء قصره الفريد، مستوحى من معابد هندية وكمبودية، صممه المهندس الفرنسي ألكسندر مارسيل، ونفذ زخارفه الفنان جورج لويس كلود. شُيّد القصر باستخدام الرخام الإيطالي والزجاج البلجيكي، وافتتح عام 1911 بحضور السلطان حسين كامل.
مواصفات القصر
يتكون القصر من ثلاثة طوابق وطابق سفلي وحديقة واسعة. يضم صالات فخمة وغرفًا مزينة بتماثيل وتحف نادرة، وأعمدة تحمل تماثيل هندية دقيقة، إلى جانب برج ملحق يتألف من أربعة طوابق.
الأساطير والخرافات
مع وفاة البارون وتوالي إهمال القصر، بدأت الأساطير تنسج حوله. لُقّب بـ**”قصر الرعب”** بسبب قصص عن أرواح تسكنه، أبرزها شائعة وفاة شقيقته “هيلانة” إثر سقوطها من شرفة القصر، وهي الرواية التي ثبت لاحقًا عدم صحتها. كما ترددت قصص عن أصوات صراخ وتراتيل غامضة وانبعاث أنوار ليلية.
في عام 1997، ضبطت السلطات المصرية مجموعة من الشباب كانوا يقيمون حفلات صاخبة داخله عُرفت حينها بـ”قضية عبدة الشيطان”، ما أضفى مزيدًا من الغموض على المكان.
ترميم القصر وافتتاحه
بعد سنوات من الإهمال، بدأت الحكومة المصرية عام 2017 مشروع ترميم شامل للقصر بتكلفة بلغت 113 مليون جنيه، بدعم جزئي من الحكومة البلجيكية. وفي 29 يونيو 2020، افتُتح القصر رسميًا بعد تجديده، ليصبح معلمًا أثريًا وسياحيًا يعكس حقبة معمارية فريدة وتاريخًا طويلاً من الحكايات الشعبية والأساطير.
قصر البارون اليوم
يضم القصر الآن معرضًا لتاريخ حي هليوبوليس، ومجموعة من مقتنيات القصر الأصلية والمجسّدات، إلى جانب ترام قديم وسيارات تاريخية من أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين.