في خطوة دراماتيكية تعكس عمق الأزمة داخل وزارة الدفاع الأمريكية، أعلن البنتاجون، يوم الجمعة الماضي، إقالة ثلاثة مسؤولين رفيعي المستوى من مناصبهم، في إطار تحقيقات جارية بشأن تسريبات خطيرة تتعلق بخطط عسكرية وأمنية حساسة.
البنتاجون
وبحسب ما أوردته صحيفة “بوليتيكو”، فإن قائمة المقالين شملت كلًا من دان كالدويل، المستشار البارز في الوزارة، ودارين سيلنيك، نائب كبير موظفي وزير الدفاع، بالإضافة إلى كولين كارول، كبير موظفي نائب الوزير ستيفن فاينبرح.
وكان الثلاثة قد وُضعوا في إجازة إدارية مؤقتة مطلع الأسبوع ذاته، قبل صدور القرار النهائي بفصلهم، وفقًا لمصادر مطلعة من داخل الوزارة.
جذور الأزمة
تعود فصول التحقيق إلى شهر مارس الماضي، حين طالب جو كاسبر، كبير موظفي وزير الدفاع آنذاك، بفتح تحقيق داخلي عاجل بعد تسريب معلومات شديدة الحساسية. وشملت التسريبات تفاصيل دقيقة عن خطط أمريكية محتملة تجاه الصين، ونية نشر حاملة طائرات ثانية في البحر الأحمر، إلى جانب زيارة مثيرة للجدل أجراها رجل الأعمال الشهير إيلون ماسك إلى البنتاجون.
ووفق تقارير إعلامية، كان من المقرر أن يحصل ماسك على إحاطة “سرية للغاية”، إلا أن إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب ووزير الدفاع بيت هيجسيث نفيا هذه المزاعم بشكل قاطع.
صراعات داخلية
كشفت مصادر داخل الوزارة أن الإقالات لم تكن مدفوعة فقط بالتسريبات، بل أيضًا بخلافات شخصية وإدارية متراكمة بين كاسبر والفريق المفصول، وصُفت بأنها “صراع شخصيات” ناتج عن تباين واضح في أساليب الإدارة.
وأشار مسؤول دفاعي سابق إلى أن هذه التطورات تعكس “ضعفًا في القيادة”، مؤكدًا أن الوزير هيجسيث أحاط نفسه بأشخاص “لا يضعون مصلحته ولا مصلحة المؤسسة في الاعتبار”.
فراغ قيادي في لحظة حرجة
تزامنًا مع هذا الزلزال الإداري، من المقرر أن يغادر جو كاسبر منصبه قريبًا لتولي مهام جديدة داخل الوزارة، ما يزيد من حالة الفراغ القيادي، ويترك البنتاجون دون ثلاثة مناصب محورية: كبير الموظفين، ونائبه، والمستشار البارز.
ويأتي ذلك في وقت بالغ الحساسية، حيث تواجه الولايات المتحدة تحديات أمنية متصاعدة، خصوصًا في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية مع الصين وروسيا.
تداعيات داخلية وخارجية
أعرب مراقبون عن قلقهم من أن تؤثر هذه الأزمة الداخلية على قدرة البنتاجون على إدارة الملفات الاستراتيجية بكفاءة، في ظل استمرار الاتهامات بوجود ثغرات أمنية تهدد سلامة المعلومات السرية. كما يرى البعض أن ما يحدث يعكس حالة من عدم الثقة المتزايدة داخل أروقة صنع القرار في مؤسسة الدفاع الأمريكية.
وتسلّط هذه الأزمة الضوء على التحديات المستمرة التي يواجهها البنتاجون في تحقيق التوازن الدقيق بين الشفافية ومقتضيات الأمن القومي، وسط بيئة مشحونة بالتوترات والانقسامات.