تكشفت تفاصيل الهجوم الذي استهدف سوق لعيد الميلاد في ماجدبورج في ألمانيا خاصة عقب أن تم كشف شخصية الجاني الذي اتضح أنه طبيب سعودي يعيش في برلين منذ عام 2006.
وتسبب هجوم سوق عيد الميلاد بإحراج العرب والمسلمين في مختلف العواصم الأوروبية والعالمية مع توقعات بتنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا، التي يعاني منها المسلمين والعرب في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
وفي ذلك الصدد كشف تقرير لوكالة “الأسوشيتد برس” الأمريكية عن حجم الجرح والصدمة داخل الشارع الألماني، كما فتح قضية منح حق اللجوء خاصة للعرب والمسلمين في برلين.
شعور مهتز بالأمان
وبدأت الأسوشيتد برس تقريرها بـ الحزن على ضحايا الحادث حيث بدء التقرير بـ”نعى الألمان يوم السبت الضحايا وشعورهم المهتز بالأمان بعد أن تعمد طبيب سعودي اقتحام سوق لعيد الميلاد يعج بالمتسوقين أثناء العطلات، مما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل، من بينهم طفل صغير، وإصابة ما لا يقل عن 200 آخرين”.
واعتقلت السلطات رجلا يبلغ من العمر 50 عاما في موقع الهجوم في ماجدبورج مساء الجمعة واحتجزته لاستجوابه، ويعيش في ألمانيا منذ عام 2006، ويمارس الطب في بيرنبورج، على بعد حوالي 40 كيلومترًا (25 ميلًا) جنوب ماجديبورج.
وقال حاكم الولاية راينر هاسيلوف للصحفيين إن عدد القتلى ارتفع إلى خمسة من الرقم السابق البالغ اثنين، كما أصيب أكثر من 200 شخص.
وفي تصريحات إعلامية أدلى بها من موقع الاعتداء، قال المستشار أولاف شولتز متوعدا: “سنرد بقوة القانون على حادث الدهس في ماجدبورج”.
وأضاف المستشار الألماني، إن ما يقرب من 40 منهم “أصيبوا بجروح خطيرة للغاية لدرجة أننا يجب أن نشعر بالقلق الشديد بشأنهم”.
عمل فظيع
وتابع شولتز: “لا يوجد مكان أكثر هدوءًا وبهجة من سوق عيد الميلاد”، “يا له من عمل فظيع أن نجرح ونقتل الكثير من الناس هناك بهذه الوحشية.”
وقال جراح الأعصاب محمود العنببي، إن حوالي 80 مريضاً تم نقلهم إلى المستشفى الجامعي في ماجديبورج مساء الجمعة.
وقال “العنببي” حَسَبَ “أسوشيتد برس” في أثناء توجهه إلى كافتيريا المستشفى ليشتري لنفسه مشروب: “لقد تمكنا من تثبيت استقرار معظمهم، لكن الكثير منهم لا يزالون في العناية المركزة، وبعضهم أيضًا في حالة حرجة”.
طالب أ
وحددت عدة وسائل إعلام ألمانية المشتبه به بأنه “طالب أ”، حجبت اسمه الأخير تماشيا مع قوانين الخصوصية، وذكرت أنه متخصص في الطب النفسي والعلاج النفسي.
وأشعل المشيعون الشموع ووضعوا الزهور خارج الكنيسة القريبة من السوق في يوم بارد وكئيب.
فيما توقف العديد من الناس وبكوا، وغنّت جوقة كنيسة في برلين، شهد أعضاؤها هجومًا سابقًا على سوق عيد الميلاد في عام 2016، ترنيمة “النعمة المذهلة”، وهي ترنيمة عن رحمة الله، وقدمت صلواتها وتضامنها مع الضحايا.
الدافع حول الجريمة
ولم تكن هناك إجابات حتى الآن عن الدافع الذي دفع الرجل إلى قيادة سيارته BMW السوداء وَسْط حشد من الناس في المدينة الواقعة بشرق ألمانيا.
ووصف نفسه بأنه مسلم سابق، وقام المشتبه به بمشاركة عشرات التغريدات وإعادة التغريدات يوميًا مع التركيز على موضوعات معادية للإسلام، وانتقاد الدين وتهنئة المسلمين الذين تركوا الإيمان.
كما اتهم السلطات الألمانية بالفشل في القيام بما يكفي لمكافحة ما وصفه بـ”إسلامية أوروبا”.
صدمت أعمال العنف ألمانيا والمدينة، مما جعل عمدة المدينة على وشك البكاء وأفسد حدثًا احتفاليًا يعد جزءًا من تقليد ألماني عمره قرون.
إلغاء أسواق عيد الميلاد
ودفع ذلك العديد من المدن الألمانية الأخرى إلى إلغاء أسواق عيد الميلاد في عطلة نهاية الأسبوع كإجراء احترازي وتضامناً مع خسارة ماجديبورج، أبقت برلين أسواقها مفتوحة لكنها زادت من تواجد الشرطة فيها.
وتعرضت ألمانيا لسلسلة من الهجمات المتطرفة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك هجوم بسكين أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة ثمانية في مهرجان بمدينة سولينجن الغربية في أغسطس.
وماجديبورج هي مدينة يبلغ عدد سكانها حوالي 240.000 نسمة، وتقع غرب برلين، وهي عاصمة ولاية ساكسونيا أنهالت.
وجاء هجوم الجمعة بعد ثماني سنوات من قيام متطرف بقيادة شاحنة في سوق عيد الميلاد المزدحم في برلين، مما أسفر عن مقتل 13 شخصًا وإصابة كثيرين آخرين؛ فيما قُتل المهاجم بعد أيام في تبادل لإطلاق النار في إيطاليا.
المستشار شولتس
وسافر المستشار شولتس ووزيرة الداخلية نانسي فيزر إلى ماجدبورج اليوم السبت، ومن المقرر أن تقام مراسم تأبين في كاتدرائية المدينة في المساء. أمر فيسر بتنكيس الأعلام على المباني الفيدرالية في جميع أنحاء البلاد.
وأظهرت لقطات تم التحقق منها من أحد المارة وزعتها وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) اعتقال المشتبه به في محطة ترام في منتصف الطريق.
وحول تفاصيل الاعتقال، كان صرخ ضابط شرطة قريب، وهو يوجه مسدسه نحو الرجل، في وجهه بينما كان مستلقيا على الأرض، ورأسه مقوس إلى الأعلى قليلا، واحتشد ضباط آخرون حول المشتبه به واعتقلوه.
بينما قالت أحد شهود العيان والتي تدعى ثي لينه تشي نجوين، وهي أخصائية تجميل أظافر فيتنامية تبلغ من العمر 34 عامًا، ويقع صالونها في مركز تجاري مقابل سوق عيد الميلاد، كنت اتحدث عبر الهاتف أثناء الاستراحة عندما سمعت أصواتًا عالية واعتقدت في البداية أنها ألعاب نارية.
ثم رأت سيارة تسير عبر السوق بسرعة عالية؛ صرخ الناس وألقيت السيارة بطفل في الهواء.
وهي ترتجف وتصف رعب ما شاهدته، وتتذكر رؤية السيارة تنفجر خارجة من السوق وتتجه يمينًا إلى شارع إرنست رويتر آلي، ثم تتوقف عند محطة الترام حيث تم القبض على المشتبه به.
وأضافت: “لقد ساعدتهم أنا وزوجي لمدة ساعتين. ركض عائداً إلى منزله وأحضر أكبر عدد ممكن من البطانيات لأنه لم يكن لديها ما يكفي لتغطية الجرحى”؛ وقالت: “كان الجو باردًا جدًا”.
الشرطة كل 50 متر
فيما لا يزال السوق نفسه مطوقا يوم السبت بشريط أحمر وأبيض وعربات الشرطة كل 50 مترا؛ فيما تجوب الشرطة الألمانية المكان بمسدسات آلية لتحرس كل المدخل إلى السوق، فيما لا تزال بعض بطانيات الحماية الحرارية ملقاة في الشارع.
وتعد أسواق عيد الميلاد تقليد ألماني خاص بالعطلات منذ العصور الوسطى، ويتم الآن تصديره بنجاح إلى معظم أنحاء العالم الغربي.