تحول الصراع على السلطة بإقليم “تيجراي“؛ بين فصيلين، إلى تطور خطير يهدد باندلاع حرب قد تشمل أطرافا إقليمية.
جبهة تحرير تيجراي
وتصاعدت التوترات داخل جبهة تحرير تيجراي، وبالتحديد بين فصيلي رئيس الإدارة المؤقتة للإقليم، جيتاتشو ردا، المعين من قبل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، من ناحية، وزعيم جبهة تحرير تيجراي، دبراصيون جبراميكائيل، من ناحية أخرى.
جاء ذلك بعد أن أوقفت إدارة جيتاتشو أربعة من كبار القادة العسكريين لقوات جبهة تحرير تيجراي، بزعم أنهم انخرطوا في أنشطة “تخالف قرارات حكومة الإقليم وتخاطر بجر تيجراي إلى صراع داخلي”، وهي خطوة رفضها رئيس جبهة تحرير تيجراي والقادة العسكريون الموالون له.
وردًا على توقيف القادة، بحسب “العين الإخبارية”، قامت مجموعات عسكرية تابعة لقوات الجبهة، التي لم يكتمل تسريحها بموجب اتفاق سلام بريتوريا، بالسيطرة على عدد من الإدارات الحكومية في عدد من المدن، ثم اندلعت مواجهات مع موالين لرئيس الإدارة المؤقتة للإقليم.
رئيس الوزراء الإثيوبي
غير أن فصيل زعيم جبهة تحرير تيجراي، دبراصيون جبراميكائيل، صعد الأزمة بالسيطرة على محطة “مقلي” الإذاعية ومكتب رئيس البلدية في عاصمة الإقليم، في الوقت الذي كان فيه جيتاتشو ردا في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا لعقد مؤتمر صحفي حول مجريات الأحداث، ولقاء رئيس الوزراء الإثيوبي.
وفي المؤتمر الصحفي، اتهم جيتاتشو زعيم جبهة تحرير تيجراي، دبراصيون جبراميكائيل، بشن انقلاب على الإدارة المؤقتة للإقليم، التي تم تشكيلها بموجب اتفاق بريتوريا للسلام بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير تيجراي، الموقع في 2022.
كما اتهم الحكومة الإريترية بمحاولة استغلال الاضطرابات في تيغراي، مشيرًا إلى أن إريتريا كانت طرفًا في الحرب، وقال إن أسمرا تنظر إلى تيغراي على أنها “منطقة عازلة” تحميها من أي تحركات إثيوبية محتملة بعد تأزم العلاقات مع أديس أبابا.
صراع التيجراي
شهد إقليم تيجراي حربًا مدمرة في 2020، استمرت عامين، وأودت بحياة مئات الآلاف.
ورغم التوصل إلى اتفاق سلام في نوفمبر 2022، الذي أوقف الحرب من خلال ترتيبات أمنية يتم بموجبها حل قوات الجبهة وتسريحها وإعادة دمجها في المؤسسات الإثيوبية، فإن هذه الترتيبات لم يتم تنفيذها حتى اليوم، إذ تحتفظ جبهة تحرير تيجراي بالآلاف من المقاتلين؛ الأمر الذي يثير التخوف من أن تندلع مواجهات بين مقاتلي الجبهة والجيش الإثيوبي، خاصة بعد طلب رئيس الإدارة المؤقتة للإقليم مساعدة الحكومة الفيدرالية.
في المقابل، يتمسك زعيم جبهة تحرير تيجراي بأنه الجهة الشرعية الموقعة على السلام مع الحكومة الفيدرالية، وأن وجود جيتاتشو ردا غير قانوني، إذ يتهم الأول الأخير بأنه موالٍ للحكومة الفيدرالية.
حرب إقليمية؟
في هذا السياق، حذر الفريق صادقان جبر تنسائي، نائب رئيس الإدارة المؤقتة لإقليم تي[راي، من أن الحرب بين إثيوبيا وإريتريا “تبدو حتمية”، مشيرًا إلى أن الاستعدادات العسكرية بلغت “مراحلها النهائية”.
وقال تنسائي، الذي كان رئيسًا لأركان الجيش الإثيوبي وقاد الحرب الإثيوبية الإريترية بين عامي 1998-2000، إن صراع السلطة الحالي في تيجراي جعل الإقليم محورًا رئيسيًا لصراع وشيك مع إريتريا، قد يمتد ليشمل المنطقة بأكملها، بما في ذلك السودان، ويؤثر على أمن البحر الأحمر بشكل مباشر.
وأضاف: “لطالما انتهجت إريتريا سياسة توسعية تعتمد على استغلال النزاعات الداخلية والإقليمية لصالحها. لذلك، فإن احتمال فرض الحرب وتحول تيجراي إلى ساحة معركة بين أسمرا وأديس أبابا أمر حقيقي”.
ولم ترد إريتريا على هذه الاتهامات على الفور.
القرن الأفريقي
تنسائي عاد وقال في تصريحات صحفية، إن الحرب “ستؤدي إلى إعادة رسم الخريطة السياسية للقرن الأفريقي، كما ستؤثر على توازن القوى في البحر الأحمر”، مضيفًا أن “مسؤولية الحكومة الإثيوبية والشركاء الدوليين هي التدخل وتجنب حرب كارثية أخرى في المنطقة”.
فيما يرى مراقبون أن حربًا جديدة بين إريتريا وإثيوبيا تقترب بشكل أكبر، بعد اتهام رئيس الإدارة المؤقتة لإقليم تيجراي قادة عسكريين موالين لزعيم جبهة تحرير تيجراي بالتواصل مع إريتريا والتنسيق معها لإسقاط الحكومة الإثيوبية من خلال تحالف ثلاثي يضم القوات الإريترية، وقوات جبهة تحرير تيجراي، وميليشيات “الفانو” في إقليم أمهرة.
وتأزمت العلاقات بين أسمرا وأديس أبابا بعد توقيع الأخيرة، في نوفمبر 2022، اتفاق سلام مع جبهة تحرير تيجراي في بريتوريا، برعاية الاتحاد الأفريقي، أنهى حربًا استمرت عامين في تيجراي.
غير أن الاتفاق أدى إلى تراجع العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا، حيث اعتبرت أسمرا أنه تم تهميشها رغم دورها في الحرب ضد جبهة تحرير تيجراي، مما حرك حالة توتر بين البلدين.