من ارتفاع يفوق 400 كيلومتر فوق سطح الأرض، ومن نافذة محطة الفضاء الدولية، وثّق رائد الفضاء الأمريكي دون بيتيت لحظة استثنائية تلامس حدود الخيال: ومضات ضوئية نادرة تعرف علميًا باسم “الأحداث الضوئية العابرة”، ويُطلق عليها شعبيًا اسم “العفاريت”.
في ست ثوانٍ فقط، التقطت عدسة بيتيت ما يُشبه ألعابًا نارية كهربائية تنطلق لا نحو الأرض كما تفعل الصواعق، بل تتجه إلى الأعلى، نحو الفضاء. حدث ذلك بينما كانت المحطة الدولية تمر فوق سماء حوض الأمازون، في مشهد أخّاذ لا يتكرر كثيرًا.
شارك بيتيت الفيديو عبر حسابه على وسائل التواصل قائلاً:
“حسنًا، هذا مشهد غريب يُرضي شغفك”،
مضيفًا لقطات لامعة للظاهرة من زاوية نادرة تُعرف بـ”منظر الحضيض” – أي كما تُرى من الأعلى مباشرة.
لكن ما هي “العفاريت” حقًا؟
هي ظواهر كهربائية تحدث في الطبقات العليا من الغلاف الجوي، وتظهر على ارتفاع نحو 80 كيلومترًا، نتيجة عواصف رعدية شديدة، حيث تنتقل تفريغات بلازمية نحو الأعلى، مُشكلة ومضات سريعة بألوان زاهية، خاصة الحمراء والزرقاء.
ورغم الشكوك العلمية التي دارت حول وجودها لعقود، لم يتم توثيقها فعليًا إلا في عام 1989، لتبقى حتى اليوم واحدة من أكثر الظواهر الغامضة في الغلاف الجوي للأرض.
ولم يكن بيتيت وحده من حظي برؤيتها؛ ففي عام 2024، وثق رائد الفضاء ماثيو دومينيك هو الآخر مشاهد مشابهة لعفاريت حمراء، مؤكداً أنها من أكثر الظواهر المراوغة التي تُبهر العلماء والمراقبين.
هذه الومضات “الشبحية” تذكرنا بأن كوكب الأرض، رغم كل ما نعرفه، لا يزال يخفي أسرارًا مدهشة، خاصة عندما تُشاهد من مقعد الصف الأول في مدار الأرض.