في أرض مصر، حيث تتوارى أسرار حضارة علّمت البشرية أسس العلم والتقدم في زمن كان فيه الجهل سائداً، تتوالى الاكتشافات التي تفتح أبواب الماضي لتروي صفحات مجد شعبٍ صنع الحضارة. وفي هذا الإطار، أعلنت وزارة السياحة والآثار عن كشف أثري جديد بمنطقة ذراع أبو النجا بالبر الغربي في محافظة الأقصر، حيث نجحت بعثة أثرية مصرية خالصة في اكتشاف ثلاث مقابر تعود إلى عصر الدولة الحديثة، وذلك ضمن أعمال الحفائر الجارية بالموقع.
وزير السياحة والآثار
من جانبه، وصف السيد شريف فتحي، وزير السياحة والآثار، هذا الكشف بأنه إنجاز علمي وأثري يُضاف إلى سجل الاكتشافات المتوالية التي تؤكد على مكانة مصر الرائدة في مجال السياحة الثقافية على مستوى العالم. وأكد أن المقابر المكتشفة تحمل قيمة حضارية وإنسانية متميزة، من شأنها أن تسهم في جذب المزيد من الزائرين، خاصة من محبي السياحة الأثرية والثقافية.
إنجاز بأيادٍ مصرية
وأكد الوزير أن الكشف تم بأيادٍ مصرية خالصة، ما يعكس المستوى الرفيع والقدرات الكبيرة التي تتمتع بها الكوادر الأثرية المصرية، القادرة على تحقيق اكتشافات ذات طابع علمي دُوَليّ.
تفاصيل الكشف الأثري
وأوضح الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الذي تفقد الموقع خلال زيارة قصيرة، أن المقابر الثلاث تعود جميعها إلى عصر الدولة الحديثة، وقد أمكن التعرّف على أسماء وألقاب أصحابها من خلال النقوش الباقية داخلها. وأشار إلى أن البعثة ستواصل أعمال التنظيف والدراسة العلمية للنقوش المتبقية لاستكمال التعرف على أصحابها وتوثيق نتائج الحفائر.
أسماء أصحاب المقابر
من جهته، أشار الدكتور محمد عبد البديع، رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار، إلى أن إحدى هذه المقابر تعود لشخص يُدعى “آمون-إم-إبت”، من عصر الرعامسة، وكان يعمل في معبد أو ضيعة آمون. وأضاف أن أغلب مناظر المقبرة تعرّضت للتدمير، فيما تبقى منها مناظر تصور تقديم القرابين، وحمل الأثاث الجنائزي، ومناظر لوليمة جنائزية.
أما المقبرتان الأخريان فترجعان إلى عصر الأسرة الثامنة عشرة، إحداهما لشخص يُدعى “باكي”، وكان يشغل منصب مشرف على صومعة الغلال، والثانية لشخص يُدعى “إس”، وكان يتولى الإشراف على معبد آمون في الواحات، وعمدة للواحات الشمالية، بالإضافة إلى عمله كاتبًا.
تخطيط المقابر
وعن تخطيط المقابر، أوضح الدكتور عبد الغفار وجدي، مدير عام آثار الأقصر ورئيس البعثة الأثرية، أن مقبرة “آمون-إم-إبت” تتكوّن من فِنَاء صغير، يليه مدخل ثم صالة مربعة تنتهي بنيشة تهدم جدارها الغربي خلال إعادة استخدام المقبرة في فترة لاحقة لإنشاء صالة أخرى.
أما مقبرة “باكي” فتتكون من فِنَاء طويل يشبه الممر، يتبعه فِنَاء آخر يؤدي إلى المدخل الرئيس، ثم صالة مستعرضة متصلة بصالة طولية تنتهي بمقصورة غير مكتملة، تضم بئرًا للدفن.
وتتألف مقبرة “إس” من فِنَاء صغير يحتوي على بئر، يلي ذلك المدخل الرئيس، ثم صالة مستعرضة تتصل بصالة طولية غير مكتملة.
استمرار أعمال الحفائر
وأكد رئيس البعثة الأثرية أن أعمال الحفائر والتنظيف ستتواصل خلال الفترة المقبلة، مع البدء في دراسة النقوش الباقية وتوثيق الاكتشاف علميًا، تمهيدًا لنشر نتائج الحفائر وفق الأصول العلمية المتبعة.