تتجه الأنظار إلى العاصمة المصرية القاهرة حيث جرى في الأيام الماضية بلورة اقتراح جديد لوقف إطلاق النار في غزة.
فمصر أصبحت الآن نقطة الضوء في مساعي وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وَسْط تفاؤل غير مسبوق وضغوط سياسية كبيرة.
هدنة طويلة الأمد
وفي إطار الهدنة طويلة الأمد التي ستتيح الفرصة للانتعاش الإنساني والسياسي في المنطقة، تستضيف القاهرة مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة.
فالاقتراح مصري الأخير يعد نقطة تحول مهمة في مساعي وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، ويعكس التعاون الوثيق بين القاهرة وواشنطن، في إطار الوساطة بين الطرفين.
ما الجديد؟
وكان العنصر الجديد في هذه المحادثات هو التفاؤل الذي بدأ يظهر على الجانب الإسرائيلي، الذي بدأ يتحدث عن إمكانية التوصل إلى اتفاق وشيك، قد يتضمن وقفًا لإطلاق النار خلال أيام قليلة.
وتدور هذه المحادثات تحت غطاء من السرية المشددة، وهي شراكة غير مسبوقة بين كل من مصر والولايات المتحدة الأمريكية.
حيث أظهرت المصادر الإسرائيلية أن الاتفاق المتبلور يتضمن عدة بنود محورية، تساهم في تخفيف حدة الصراع على الأرض.
ويعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن هذه المبادرة قد تكون بداية لإحداث انفراجه في الأزمة الحالية.
وقال مصدر مطلع في حماس حَسَبَ «فرانس برس»، السبت، أن وفدا مؤلفا من قادة كبار في الحركة الفلسطينية من المقرر أن يصل إلى القاهرة لإجراء محادثات مع مسؤولين مصريين حول الهدنة في غزة.
وأضاف المصدر مشترطا عدم الكشف عن اسمه: «نأمل أن يحقق اللقاء تقدما حقيقيا للتوصل لاتفاق لوقف الحرب ووقف الحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية الكامل من قطاع غزة».
تفاصيل المقترح المصري
وبحسب المصادر الإسرائيلية، يتضمن الاقتراح الذي تم طرحه خلال المحادثات عدة نقاط رئيسية، من أبرزها:
1. إطلاق سراح 8 رهائن إسرائيليين أحياء، بالإضافة إلى 8 آخرين من الرهائن الإسرائيليين الذين لقوا حتفهم في أثناء الصراع.
2. إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية، وفقًا لمعايير ومتطلبات تم الاتفاق عليها بين الأطراف المعنية.
3. استئناف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، الذي يعاني من حصار خانق أثر بشكل كبير على حياة المدنيين في القطاع.
4. توقف العمليات العسكرية لمدة تمتد إلى 70 يومًا، وهو ما كان المقترح المصري الأول، بينما تسعى إسرائيل إلى تقليص هذه المدة لتكون ما بين 40 إلى 50 يومًا.
5. انسحاب القوات الإسرائيلية إلى المواقع التي كانت تتمركز فيها قبل انهيار وقف إطلاق النار في 17 مارس/آذار الماضي.
دور أمريكي وضغوط مصرية
وفي إطار هذه المفاوضات، نقل مبعوث البيت الأبيض ستيف ويتكوف، رسالة عبر الوسطاء المصريين إلى حركة «حماس»، مفادها أنه إذا وافقت «حماس» على تنفيذ الاتفاق الذي يتضمن تجديد وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، فإن الولايات المتحدة ستضمن دخول «إسرائيل» في مفاوضات جادة تهدف إلى إنهاء الحرب بشكل نهائي.
وقد أضافت الولايات المتحدة أنها ستصدر بيانًا علنيًا في حال تنفيذ الصفقة بنجاح، في إشارة إلى الدور الأمريكي الحيوي في ضمان التقدم نحو وقف كامل للأعمال العدائية.
ومن المقرر أن يصل وفد حركة «حماس»، السبت، إلى العاصمة المصرية القاهرة من أجل الاطلاع على رد «إسرائيل».
وقالت هيئة البث الإسرائيلية: «يأتي التقدم في المفاوضات نتيجة للضغوط المصرية للتوصل إلى اقتراح يمكن أن يكون مقبولًا لدى «حماس»، على أساس افتراض أن «إسرائيل» قد توافق على خُطَّة لإطلاق سراح ثمانية رهائن أحياء».
وأضافت: «يتضمن العرض المصري أيضًا إطلاق سراح ثمانية رهائن أموات».
وتابعت: «تقول مصادر مطلعة على التفاصيل إن الاقتراح يتضمن أيضًا المطالبة بوقف الحرب استمرارا للاتفاق، بعد أيام من وقف إطلاق النار، وأن «حماس» مهتمة بضمانات حقيقية لمنع استئناف المرحلة الثانية».
وأشارت في تقرير حَسَبَ «العين الإخبارية» إلى أن «إسرائيل» نقلت رسميًا مطالبها في إطار المفاوضات إلى الوسطاء، التي تتضمن، من بين أمور أخرى، المطالبة بزيادة عدد الرهائن المفرج عنهم، الأحياء والأموات، وتطالب «إسرائيل» أيضًا بتقصير المدة بين الإفراج الأول والثاني (والنهائي) للمفاوضات.
وذكرت في هذا الصدد أن «هناك فجوات في التفاؤل المعبر عنه بين المستويين السياسي والمهني، ومن بين أمور أخرى، تزعم مصادر مشاركة في المحادثات أنه في هذا الوقت، يجب على «إسرائيل» أن تسعى إلى التوصل إلى اتفاق يؤدي إلى إطلاق سراح جميع الرهائن أحياء – وعددهم 22 – وليس على مراحل تترك بعضهم أسرى».
مصر تقود المفاوضات
ولكن القناة الإخبارية 12 الإسرائيلية قالت إن «إسرائيل» تنتظر رد «حماس» على الاقتراح المصري، وقد تم تحديث العائلات بأنه يمكن الوصول إلى اختراق في غضون أيام.
وأضافت في تقرير تابعته «العين الإخبارية»: «تنتظر «إسرائيل» رد «حماس» على العرض المصري، ويعتقد مصدر في المفاوضات أن مزيج الضغط العسكري والسياسي يمكن أن يخلق فرصة لم تكن موجودة بعد. وأبلغت أسر المختطفين أيضًا بأنه تم إحراز تقدم كبير وأنه يمكن تحقيق تقدم في غضون أيام».
وأضافت: «في الوقت نفسه، لا تنوي «إسرائيل» ترك المفاوضات تطول – وقد حددت هدفًا يصل إلى أسبوعين، حتى نعرف ما إذا كانت المحادثات ستنضج إلى اتفاق، أو تتقدم إلى مراحل أخرى في الحملة العسكرية».
ونقلت عن مصدر مشارك في المفاوضات إن «هناك اتصالات مكثفة مع الوسطاء، حيث تقود مصر هذه الجولة هذه المرة، وذكر هذا الأسبوع أن الاقتراح الذي قدمته يتحدث عن إطلاق سراح ثمانية رهائن أحياء. وتضغط «إسرائيل» وتحاول تعظيم الاقتراح بتوجيه رسالة من رقمين عن المختطفين الأحياء».
وأشارت إلى أنه في حين ينص الاقتراح على موقف إطلاق النار لمدة 70 يومًا فإن «إسرائيل» تضغط في اتجاه 40-50 يومًا.
وفي هذا الصدد قال موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي: «تحاول مصر والولايات المتحدة صياغة اقتراح وساطة يكون مقبولًا لكل من «إسرائيل» و«حماس». وقال مسؤولون إسرائيليون كبار إنه كان هناك تقارب في المواقف بين «إسرائيل» ومصر، لكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت «حماس» ستوافق على التحلي بالمرونة وقبول اقتراح يتضمن إطلاق سراح أكثر من خمسة رهائن أحياء».
وأضاف في تقرير طالعته «العين الإخبارية»: «تضمن اقتراح الوساطة المصري، الذي تم تقديمه إلى «إسرائيل» قبل أيام، إطلاق سراح ثمانية مختطفين أحياء وعدد مماثل من الرهائن الشهداء مقابل وقف إطلاق النار لمدة 40-50 يومًا، وإطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، واستئناف نقل المساعدات الإنسانية إلى غزة، وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي إلى مواقعها قبل استئناف الأعمال القتالية في 17 مارس».
وأشار نقلا عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى إلى أنه «عقد رئيس الوزراء نتنياهو مناقشة مع فريق التفاوض الإسرائيلي الخميس ووافق على الرد الإسرائيلي على اقتراح الوساطة المصرية. بعد المناقشة، تم نقل الرد الإسرائيلي إلى مصر».
وأشار المسؤول الإسرائيلي إلى أن «رد «إسرائيل» يشمل المطالبة بالإفراج عن أكثر من 8 رهائن أحياء، ولكن أقل من 11 مختطفًا أحياء كما طالبت «إسرائيل» في الأصل».
وأضاف: «يشمل الرد الإسرائيلي أيضًا الاستعداد لإعادة نشر قوات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة ومفاتيح لإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين» أي يعدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاقهم مقابل كل رهينة إسرائيلي.
وأشار المسؤول الإسرائيلي إلى أنه «على الرغم من أنه لا تزال هناك فجوات بين «إسرائيل» و«حماس» فيما يتعلق بعدد الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم عن كل مختطف إسرائيلي، إلا أن هذه فجوة يمكن سدها في المفاوضات».
تعهد أمريكي
وكشف النقاب إنه «في إطار المفاوضات التي جرت في الأيام الأخيرة، نقل مبعوث البيت الأبيض ستيف ويتكوف رسالة إلى «حماس» عبر الوسطاء المصريين مفادها أنه إذا وافقت «حماس» على المضي قدمًا في صفقة تؤدي إلى تجديد وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، فإن الولايات المتحدة ستضمن دخول «إسرائيل» في مفاوضات جادة لإنهاء الحرب».
وأضاف: «كما تعهد الأمريكيون بالإدلاء ببيان علني إذا تم تنفيذ الصفقة».
فريق التفاوض الإسرائيلي
وبدورها قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية: «يجري فريق التفاوض الإسرائيلي حاليًا اتصالات مكثفة للغاية مع الوسطاء، مع التركيز على مصر وبالتنسيق مع الأمريكيين».
وأضافت: «في الوقت نفسه، أكد مصدر إسرائيلي أن الكرة في يد حماس»، التي أعلنت من جهة أنها سترفض التعليق على العرض الإسرائيلي بإطلاق سراح 11 رهينة أحياء، ومن جهة أخرى، لم ترد بعد على الاقتراح المصري الجديد الذي يتحدث عن إطلاق سراح ثمانية رهائن أحياء».
وأشارت في تقرير طالعته «العين الإخبارية» إلى أنه «يعمل الفريق الإسرائيلي الآن على زيادة عدد الرهائن الأحياء الذين سيتم إطلاق سراحهم في بداية أي صفقة محتملة. تتراوح المفاوضات بين عرض «حماس» الأخير بإطلاق سراح خمسة رهائن أحياء، بمن فيهم عيدان ألكسندر، الذي يحمل الجنسية الأمريكية، إلى الطلب الإسرائيلي بالالتزام بـ«خطة ويتكوف» ويشمل ذلك إطلاق سراح 11 رهينة على قيد الحياة في البداية، بالإضافة إلى نصف الرهائن القتلى».
وقالت: «يتضمن الاقتراح المصري، الذي يحاول التوسط بين الاقتراحين، عناصر تتعلق بإنهاء الحرب – و«إسرائيل» تعارضهما».
وأشارت إلى أنه «سلمت «إسرائيل» إلى الوسطاء قائمة بأسماء 59 مختطفًا – 24 أحياء و35 قتيلا – وأوضحت أنها تتفاوض على عودتهم جميعًا».
وقالت: «تنتظر «إسرائيل» في الواقع رد «حماس»، والأمل هو أن يدفعها الضغط العسكري نحو اتفاق. تقول مصادر إسرائيلية إن الضغط العسكري والسياسي على «حماس» فعال».
وأضافت: «الأمل في «إسرائيل» هو أنه سيكون من الممكن التقدم إلى مرحلة تكون فيها محادثات حول تفاصيل التفاصيل – ما يسمى بـ «محادثات التقريب» في القاهرة أو الدوحة. «إسرائيل» مستعدة للشروع في مثل هذه المحادثات، حيث سيلتقي الفريق مع الوسطاء وجهًا لوجه – إذا لزم الأمر».