تعيش فلسطين في أجواء من النكبة غير المسبوقة فما بين مطرقة الحرب في غزة المنكوبة إلى سندان إجرام المستوطنين بحق المسجد الأقصى يعيش الشعب الفلسطيني في حالة من الاعتداء يعجز اللسان عن وصفها.
المسجد الأقصى
واليوم وفي تصعيد خطير واستفزازي، أحبط حراس المسجد الأقصى المبارك محاولة مجموعة من المستوطنين إدخال “قربان حي” إلى باحات المسجد، عبر باب الغوانمة، أحد أبوابه الغربية.
ووفق ما نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”، حاول مستوطنون إدخال خروف صغير بقصد ذبحه داخل المسجد، في إطار ما يُعرف بطقوس “عيد الفصح الثاني” اليهودي. وقد تصدى الحراس لتلك المحاولة، وأحبطوها بنجاح.
وأفادت مصادر بأن 594 مستوطناً اقتحموا المسجد الأقصى خلال هذا اليوم، وقاموا بأداء طقوس تلمودية استفزازية في باحاته، وَسْط تضييقات فرضتها سلطات الاحتلال على المصلين المسلمين.
من جانبها، نددت محافظة القدس في بيان رسمي بهذه المحاولة، واعتبرتها تطورًا خطيرًا وغير مسبوق، يهدف إلى انتهاك قدسية المسجد الأقصى، الذي يُعد ثالث أقدس موقع في الإسلام بعد الحرمين الشريفين.
غزة
في سياق متصل، واصلت القوات الإسرائيلية عدوانها المكثف على قطاع غزة، ما أسفر عن استشهاد 28 فلسطينيًا خلال يوم واحد، بينهم أربعة شهداء من الأطفال، في غارات جوية وقصف مدفعي طال مناطق عدة في القطاع.
وأفادت مصادر محلية بأن غارة لطائرة مسيّرة استهدفت خيمة للنازحين في مدينة خان يونس جنوبي القطاع، ما أدى إلى سقوط ضحايا من بينهم أطفال. كما طالت الغارات منزلًا في دير البلح، ومجموعة من المواطنين في غرب خان يونس، إلى جانب قصف مكثف على شرق مدينة غزة ورفح.
وفي واحدة من أكثر الجرائم دموية، استُهدفت مدرسة فاطمة بنت أسد التي تأوي نازحين، ما أدى إلى استشهاد 15 شخصًا، بينهم 5 أطفال، وإصابة العشرات، فيما لا تزال جثث أخرى تحت الأنقاض يصعب الوصول إليها بسبب القصف المتواصل.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن عدد الضحايا منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر 2023، بلغ 52,829 شهيدًا، إضافة إلى 7,513 مصابًا، في واحدة من أكثر المآسي الإنسانية التي يشهدها القطاع.
رهينة أميركي إسرائيلي
وفي خضم التطورات السياسية، أعلنت حركة حماس موافقتها على الإفراج عن عيدان ألكسندر، الرهينة الأميركي الإسرائيلي، في إطار تفاهمات مع الجانب الأميركي بوساطة مصرية قطرية.
وصرح خليل الحية، رئيس وفد حماس المفاوض، أن الخطوة تأتي ضمن جهود وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات إلى القطاع، وفتح الباب أمام تبادل الأسرى، مؤكدًا أن المفاوضات تجري على قدم وساق في الدوحة لبحث الترتيبات الإنسانية.
ورحبت عائلة ألكسندر بالقرار، معبرة عن أملها في الإفراج عنه قريبًا، في حين لم يُعلن بعد عن موعد محدد لتنفيذ العملية.
ضغوط على نتنياهو
من جانبها، تابعت حكومة الاحتلال الإسرائيلي بإيجابية إعلان حماس، وأفاد مصدر في مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن واشنطن أبلغت تل أبيب بتفاصيل الاتفاق وطلبت تجميد العمليات في رفح مؤقتًا لتسهيل الإفراج عن الرهينة.
ورغم ذلك، أكد نتنياهو أن العمليات العسكرية ستستمر حتى القضاء الكامل على حركة حماس، مشيرًا إلى أن تحرير رهائن لن يغير من الخطط العسكرية الموضوعة.
ويواجه نتنياهو ضغوطًا متزايدة من عائلات الرهائن الذين يطالبون بوقف الحرب والعودة لطاولة المفاوضات، حيث خرجت مظاهرات حاشدة في تل أبيب تطالب باستقالة الحكومة وتسريع اتفاق تبادل الأسرى.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، خلال اجتماع للجنة الخارجية والأمن بالكنيست، نية إسرائيل ضم 30% من أراضي الضفة الغربية، بما يشمل غور الأردن والمستوطنات الكبرى، مؤكدًا أنه لا يعترف بأي خُطَّة دولية لإقامة دولة فلسطينية، بل يؤيد “إدارة ذاتية موسعة” تحت السيادة الإسرائيلية فقط.
كارثة إنسانية بغزة
فما تزداد الأوضاع في غزة سوءًا مع تدهور حاد في الوضع الإنساني والمعيشي، إذ حذرت الأمم المتحدة من دخول القطاع في مرحلة المجاعة، في ظل تعطل قوافل المساعدات، وإغلاق معبر رفح ومرفأ كرم أبو سالم.
وأكد فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أن نحو 80 مطبخًا خيريًا توقف عن العمل مؤخرًا، ما أدى إلى نقص شديد في الوجبات الجاهزة التي كانت تغطي احتياجات آلاف العائلات.
وأشار إلى أن سكان شمال غزة يعانون من نقص حاد في الغذاء، ويكتفون بوجبة واحدة أو أقل يوميًا. وفي ظل استمرار العدوان، يعجز الأهالي عن التنقل أو الحصول على المياه والطعام، في وقت تغيب فيه الاستجابة الدولية.
ودعا المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إلى تحقيق دُوَليّ عاجل بشأن ما وصفه بـ”جرائم التجويع الممنهج” التي ترتكبها قوات الاحتلال، مشيرًا إلى أن ما يحدث يهدد حياة أكثر من مليون فلسطيني.