كان ريان جيجز يومًا ما أحد ألمع نجوم كرة القدم العالمية، وأيقونة حقيقية في تاريخ نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي، وأحد أبرز أبناء الجيل الذهبي للشياطين الحمر بقيادة السير أليكس فيركسون.
ريان جيجز
وُلِد جيجز في 29 نوفمبر 1973 بمدينة كارديف في ويلز، وسرعان ما لفت الأنظار إليه بموهبته الفذة ومهاراته الفردية الاستثنائية، ليبدأ رحلته مع مانشستر يونايتد وهو لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره.
مسيرة حافلة
خاض ريان جيجز مع مانشستر يونايتد مسيرة استثنائية امتدت لأكثر من 24 عامًا، ليصبح اللاعب الأكثر مشاركة في تاريخ النادي العريق، حيث ظهر في 963 مباراة رسمية، سجل خلالها 168 هدفًا، وقدم عشرات التمريرات الحاسمة.
حقق جيجز مع الفريق 34 بطولة رسمية، ما جعله أحد أكثر لاعبي كرة القدم تحقيقًا للألقاب في التاريخ.
حقق “ريان” : 13 لقبًا للدوري الإنجليزي الممتاز، 4 ألقاب لكأس الاتحاد الإنجليزي، 3 ألقاب لكأس رابطة المحترفين، 9 ألقاب درع المجتمع، لقبين لدوري أبطال أوروبا (1999 و2008)، كأس العالم للأندية، كأس السوبر الأوروبي.
تميز جيجز بقدراته المذهلة على المراوغة والسرعة والانطلاقات على الأطراف، وأصبح علامة فارقة في مركز الجناح الأيسر، يُحسب له مساهمته الكبيرة في بسط سيطرة مانشستر يونايتد على الكرة الإنجليزية والأوروبية لسنوات.
مُدرّب منتخب ويلز
بعد اعتزاله اللعب عام 2014، اتجه جيجز إلى العمل التدريبي، حيث تولى منصب المدير الفني لمنتخب بلاده، ويلز، عام 2018؛ ونجح في قيادته إلى تصفيات بطولة أمم أوروبا “يورو 2020″، قبل أن تبدأ الأزمات الشخصية تُلقي بظلالها على مسيرته.
الخيانة الشهيرة
فيما كانت أبشع القصص التي لحقت بجيجز قصة خيانته لأخيه مع زوجته في واقعة زنا محارم هزت الأوساط الرياضية العالمية.
بكل أسف قصة ريان جيجز لا تخلو من الفضائح الشخصية أيضًا، ومن أشهر ما طارد مسيرته وأحدث صدمة في الأوساط الرياضية والجماهيرية، قضية خيانته لشقيقه رودري جيجز مع زوجته ناتاشا، وهي الحادثة التي هزّت الرأي العام البريطاني وأثرت كثيرًا على صورة النجم الذي طالما اعتُبر قدوة رياضية.
ففي عام 2011، كشفت الصحف البريطانية عن واحدة من أكبر الفضائح العائلية في تاريخ كرة القدم الإنجليزية، حيث أفادت التقارير بأن ريان جيجز كان على عَلاقة سرية بزوجة شقيقه الأصغر رودري جيجز، تُدعى ناتاشا جيجز، استمرت لسنوات خلف ظهر شقيقه.
وتبين لاحقًا أن ناتاشا نفسها اعترفت علنًا بوجود عَلاقة مع ريان، وأفصحت أن الأمر بدأ قبل زواجها من رودري واستمر حتى بعد زواجهما.
وبلغت الأمور ذروتها حين تداولت وسائل الإعلام أن ناتاشا كانت حاملًا من ريان جيجز قبل أن تُجهض الجنين دون علم زوجها رودري.
النتائج العائلية والانهيار النفسي
الحادثة دمّرت العَلاقة بين ريان وشقيقه رودري إلى الأبد، إذ أعلن الأخير أنه قطع علاقته نهائيًا بأخيه الأكبر.
كما تعرضت العائلة لضغوط اجتماعية ونفسية شديدة، بينما وجد جيجز نفسه في مواجهة انتقادات حادة من الجمهور والصحافة التي وصفته بالخائن و”المنافق”، خاصة وأنه كان يُقدم نفسه على مدار مسيرته كقدوة رياضية مثالية.
وبعد سنوات من الفضيحة، ظهر رودري جيجز في أكثر من لقاء صحفي هاجم فيه شقيقه علنًا، مؤكدًا أنه لن يسامحه أبدًا على هذا التصرف.
أسطورة تشوهت بفعل الفضائح
ورغم أن ريان جيجز واصل مسيرته الكروية في تلك الفترة وحقق مزيدًا من الإنجازات مع مانشستر يونايتد، إلا أن الحادثة ألقت بظلالها على تاريخه، وأصبحت اسمه مرتبطًا بفضائح أخلاقية بقدر ما ارتبط بالألقاب والبطولات.
هذه الواقعة، إلى جانب القضايا الأخيرة المتعلقة بالاعتداءات والعنف الأسري، شكّلت سلسلة من السقطات الشخصية التي لا يزال جيجز يعاني تبعاتها حتى اليوم، ليكون بذلك واحدًا من أشهر الأمثلة على تناقض الصورة العامة بين الرياضي القدوة والإنسان في حياته الشخصية.
الجانب المظلم من القصة
وفي نوفمبر 2020، هزّت الأوساط الرياضية البريطانية أخبار القبض على ريان جيجز بعد تقدم صديقته السابقة، كيت جريفيث، ببلاغ ضده تتهمه فيه بالتعدي عليها بالضرب والإيذاء الجسدي، فضلًا عن ارتكاب سلوك مسيء ومتسلط على مدار سنوات علاقتهما.
لم تقف القضية عند هذا الحد، بل ظهرت مزاعم أخرى من نساء أخريات، اتهمنه باعتداءات لفظية وجسدية، الأمر الذي دفع النيابة العامة البريطانية إلى توجيه سلسلة من التهم الرسمية لجيجز، شملت الاعتداء الجسدي، والإكراه النفسي، وانتهاك حقوق شخصية.
تنحٍّ عن منصبه
على خلفية هذه الاتهامات، اضطر جيجز إلى التنحي عن تدريب منتخب ويلز في منتصف عام 2022، تزامنًا مع تصاعد الضغوط الإعلامية والجماهيرية التي طالبت بإبعاده عن العمل العام حتى انتهاء التحقيقات.
وخلال جلسات محاكمته، نفى جيجز جميع التهم المنسوبة إليه، مشددًا على أن علاقته بصديقته السابقة كانت consensual (برضا الطرفين)، وأن الخلافات بينهما لا ترقى إلى مستوى الجريمة.
غير أن الادعاء قدم دلائل ورسائل نصية وتسجيلات صوتية وُصفت بأنها تُثبت سلوكًا مسيئًا ومتحكمًا منه.
ورغم صدور حكم ببراءته من بعض التهم، إلا أن السمعة التي طالما تمتع بها جيجز كلاعب أسطوري، باتت مهددة، حيث أصبحت حياته الشخصية أكثر حضورًا في عناوين الصحف من تاريخه الرياضي الكبير.
أسطورة ستبقى
مهما كانت نهاية هذه القضايا، سيظل اسم ريان جيجز محفورًا في تاريخ كرة القدم كأحد أعظم لاعبي مانشستر يونايتد والكرة البريطانية، بما قدمه من أداء استثنائي وأرقام قياسية في مسيرة امتدت لربع قرن.
بين المجد الكروي والاتهامات القانونية، تبقى قصة ريان جيجز نموذجًا مأساويًا للتناقض بين الإنجاز الرياضي والانهيار الشخصي.