مثلت مصر دوما درع الإسلام الحصين في مختلف العصور فمن دحر التتار إلى الحروب الصليبية التي وقف مصر أمامها صخرة قوية تتكسر عليها أمواج الاحتلال والعدوان ظلت مصر حتى يوم الناس هذا هي الحصن الحصين والركن الرصين للإسلام والمسلمين.
فتح الإسكندرية
وفي ذلك الصدد نستحضر ذكرى عطرة من تاريخ الإسلام في مصر حيث تم إنهاء حقبة الحكم البيزنطي وبداية العصر الإسلامي.
في مثل هذا اليوم من عام 641م، الموافق 21 هـ، اكتمل فتح الإسكندرية على يد القائد المسلم عمرو بن العاص رضي الله عنه، منهياً بذلك وجود الإمبراطورية البيزنطية (الروم) في مصر، وواحدًا من أهم فصول الفتح الإسلامي في شمال إفريقيا.
خلفية الفتح
بعد وفاة النبي ﷺ وتولي أبو بكر الصديق رضي الله عنه الخلافة، بدأت حملات الفتح خارج الجزيرة العربية.
ثم استكملت هذه الحركات في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي أذن لعمرو بن العاص بفتح مصر عام 640م / 20 هـ.
بدأت الحملة بفتح حصن بابليون (بجوار القاهرة الحالية)، الذي كان أهم معاقل الروم البيزنطيين في مصر وعاصمة إدارتهم.
وقد واجه المسلمون مقاومة عنيفة استمرت عدة أشهر، انتهت بفتح الحصن في ربيع الأول 21 هـ / أبريل 641م.
حصار وفتح الإسكندرية
بعد سقوط بابليون، توجّه عمرو بن العاص بقواته نحو الإسكندرية، عاصمة مصر الساحلية وأكبر مدنها آنذاك، ومقر الحامية البيزنطية الرئيسية.
وقدّر المؤرخون عدد قوات الروم في المدينة حينها بما يقارب 50,000 جندي.
استمر حصار المسلمين للمدينة قرابة ثلاثة أشهر، استخدم فيها الروم تحصيناتهم الطبيعية والبحرية للتماسك، فيما كثّف المسلمون ضرباتهم البرية والحصار المتواصل.
وفي نهاية عام 21 هـ / 641م، تمكن عمرو بن العاص من اختراق أسوار المدينة والدخول إليها، بعد أن طلب أهلها الصلح، فكتب عمرو إلى عمر بن الخطاب يستأذنه، فوافق عمر على الصلح.
شروط الصلح
جاء في بنود الصلح أن يؤمَّن سكان الإسكندرية على أرواحهم وأموالهم وكنائسهم، أن تُفرض عليهم الجزية، أن تُسلَّم المدينة للمسلمين بلا قتال، أن يُسمح لمن أراد من الروم بالمغادرة إلى بلادهم.
وبذلك دخل المسلمون المدينة بهدوء وسلم، منهين حكم البيزنطيين الذي استمر أكثر من 900 عام منذ ضمها للإمبراطورية الرومانية عام 30 ق.م.
أهمية الحدث
كان فتح الإسكندرية علامة فارقة في تاريخ مصر والعالم الإسلامي، حيث أنهى الوجود الروماني البيزنطي في مصر، كما فتح باب التوسع الإسلامي في شمال إفريقيا، كما حوّل مصر إلى ولاية إسلامية مركزية ضمن الدولة الراشدة، كما مثّل قاعدة اقتصادية وتجارية وعلمية متقدمة في العهد الإسلامي.
المؤرخين
ذكر الطبري والبلاذري وابن الأثير وابن عبد الحكم تفاصيل هذا الفتح، وأجمعوا على حسن سياسة عمرو بن العاص في التعامل مع أهل مصر، وحرصه على عدم تخريب المدينة وصون ممتلكات الناس ومعابدهم.
فيما يمثل فتح الإسكندرية حدث عظيم من فصول التاريخ الإسلامي، حيث نقل مصر من حقبة إلى أخرى، وظلت الإسكندرية بعدها من أعمدة الحضارة الإسلامية لقرون طويلة.