يزخر التاريخ المصري بالعديد والعديد من قصص البطولة التي سطرها الشعب المصري على مر العصور ضد الظلم والطغيان خاصة أمام المحتل الأجنبي الذي اتخذ من تحضنه بالحديد والنار مبررا لقهر المصريين.
ثورة شعبية
في مثل هذا اليوم، 13 مايو 1805، قاد الزعيم الوطني عمر مكرم ثورة شعبية كبرى ضد تعسف الوالي العثماني خورشيد باشا، الذي كان يمارس الحكم بقبضة من حديد، ويُثقل كاهل الشعب بالضرائب والظلم والانفلات الأمني.
خلفية الأحداث
بعد خروج الحملة الفرنسية من مصر عام 1801، دخلت البلاد في حالة فراغ سياسي واضطراب كبير، تنازعت فيه القُوَى المختلفة: العثمانيون، المماليك، والإنجليز. وأُرسل خورشيد باشا من قبل السلطان العثماني لتولي منصب الوالي على مصر، لكنه اتصف بالقسوة، والاستبداد، وفرض الضرائب الباهظة على الأهالي، دون أي مراعاة لأحوالهم الاقتصادية الصعبة.
دور الشعب وقيادة عمر مكرم
وَسْط هذا الظلم، تصدى عمر مكرم نقيب الأشراف (وهو منصب ديني واجتماعي كبير في ذلك الوقت) للأوضاع الجائرة، وجمع حوله كبار العلماء والمشايخ من الأزهر الشريف، إضافة إلى التجار والحرفيين، وأهالي القاهرة، وأعلنوا رفضهم لحكم خورشيد باشا.
وقاد عمر مكرم انتفاضة جماهيرية ضخمة جابت شوارع القاهرة، مطالبة بعزله وتعيين قائد عادل يضمن حقوق الشعب ويحفظ الأمن.
اختيار محمد علي باشا
في خضم هذا الصراع، برز اسم محمد علي باشا، القائد الألباني الذي جاء مع القوات العثمانية، لكنه حاز احترام الناس بسبب انحيازه للفقراء ومحاولته إعادة الأمن والاستقرار.
وفي 13 مايو 1805، اجتمع الزعماء الشعبيون وعلى رأسهم عمر مكرم، وقرروا عزل خورشيد باشا واختيار محمد علي واليًا على مصر، في خطوة تاريخية غيرت مصير البلاد.
خورشيد باشا
رفض خورشيد باشا هذا القرار في البداية، لكن تحت ضغط الجماهير، وبتأييد العلماء، اضطر للرحيل، واعترف السلطان العثماني لاحقًا بالأمر الواقع وعيّن محمد علي رسميًا.
نتائج الثورة: انتهاء حقبة الفوضى بعد خروج الحملة الفرنسية، بداية حكم محمد علي باشا الذي أسس الدولة المصرية الحديثة، إثبات قوة الإرادة الشعبية بقيادة النخبة الوطنية والدينية، ترسيخ دور الأزهر الشريف والعلماء في الحياة السياسية.
عبرة التاريخ
هذه الثورة كانت علامة فارقة في تاريخ مصر الحديث، حيث قال الشعب كلمته واختار حاكمه، ليبدأ عهد جديد من النهضة والإصلاح.