في ليلة شديدة البرودة من 15 أبريل 1912، وعلى عمق أكثر من 3,800 متر في قاع المحيط الأطلسي، كتبت تيتانيك آخر سطورها.
السفينة التي كانت توصف بأنها “لا تُغرق”، غرقت في أول رحلة لها، في واحدة من أبشع الكوارث البحرية في التاريخ الحديث.
سفينة لا تغرق
انطلقت تيتانيك من ميناء “ساوثهامبتون” في إنجلترا يوم 10 أبريل، وكان على متنها أكثر من 2,200 راكب من مختلف الجنسيات والطبقات الاجتماعية.
صدمة جبل الجليد
في تمام الساعة 11:40 مساءً من يوم 14 أبريل، وفي عرض المحيط، اصطدمت بجبل جليدي ضخم لم يتم رصده في الوقت المناسب.
لم يكن الاصطدام مباشرًا، بل خدشًا على جانب السفينة… لكن الضرر كان قاتلًا: 5 حجرات من أصل 16 غمرها الماء.
160 دقيقة رعب
بعد الاصطدام، ظن بعض الركاب أن الأمر بسيط، لأن السفينة بالكاد اهتزت؛ لكن المهندسين أدركوا الحقيقة المروعة، السفينة ستغرق، خلال ساعتين ونصف فقط، بدأت إشارات الاستغاثة اللاسلكية تُرسل، وكانت السفن القريبة بعيدة جدًا أو لم تستجب سريعًا.
فوضى الإنقاذ
الكارثة الأكبر لم تكن في الاصطدام فقط، بل في سوء الاستعداد؛ كان هناك قوارب نجاة تكفي لـ 1,178 شخصًا فقط، على الرغْم أن السفينة تحمل أكثر من 2,200.
أول من صعدوا للقوارب النساء والأطفال من الدرجة الأولى، غير أن ما تسبب في الكارثة الحقيقية أن كثير من القوارب أبحرت غير ممتلئة بسبب الفوضى والهلع.
السفينة تنقسم نصفين
في الساعة 2:20 صباحًا، انقسمت تيتانيك إلى نصفين وغرقت تمامًا؛ بقي أكثر من 1,500 شخص في المياه المتجمدة، معظمهم مات بسبب الانخفاض الحاد في حرارة الجسم خلال دقائق.
من بقي على قيد الحياة
سفينة “كارباثيا” وصلت بعد أكثر من ساعة وأنقذت 705 راكبًا فقط، الناجون نقلوا شهادات مروعة عن الصراخ والبرد واليأس.
ماسح ثلاثي الأبعاد
وفي اكتشافات جديدة تكشف اللحظات الأخيرة لكارثة “تيتانيك” وكيف تمزقت السفينة إلى نصفين بعد اصطدامها بجبل جليدي في 1912، عن طريق المسح ثلاثي الأبعاد الذي أجرته شركة “ماجيلاين”.
لحظات مأساوية
فبعد مرور أكثر من 100 عام على الكارثة، كشف مسح ثلاثي الأبعاد جديد عن تفاصيل دقيقة حول ما حدث في تلك اللحظات المأساوية، حسب “العين الإخبارية”، من خلال صور تم التقاطها من عمق 12,500 قدم تحت سطح المحيط بواسطة شركة “ماجيلاين” المتخصصة في المسح البحري العميق.
غرفة الغلايات
كشف المسح الرقمي عن غرفة الغلايات بالقرب من المكان الذي انشقت فيه السفينة إلى نصفين؛ وتظهر بعض الغلايات بشكل مقعر، مما يشير إلى أنها كانت لا تزل تعمل حتى لحظة غمر المياه السفينة.
ثقوبًا بهيكل
كما أظهرت الصور ثقوبًا في هيكل السفينة بحجم ورقة A4، التي تسببت في غرقها السريع خلال ساعتين و40 دقيقة فقط بعد الاصطدام بالجبل الجليدي
البطولة والتضحية
كما أظهرت المسحات الرقمية أيضًا صمامًا مفتوحًا في السفينة، ما يثبت أن البخار كان لا يزال يتدفق إلى نظام توليد الكهرباء.
المهندس جوزيف بيل
هذه الاكتشافات تدعم التقارير الشاهدة عن تلك الليلة، التي أكدت أن مجموعة من المهندسين بقيادة المهندس جوزيف بيل عملوا حتى اللحظة الأخيرة للحفاظ على تشغيل الأنوار في السفينة.
لقوا حتفهم جميعًا
ورغم أن هؤلاء المهندسين لقوا حتفهم جميعًا في الكارثة، فإنهم أنقذوا العديد من الأرواح من خلال تمكين الطاقم من إطلاق القوارب النجاة في الوقت المناسب.
دمار السفينة
فيما كشف المسح أيضًا عن كيفية انقسام السفينة إلى نصفين قبل غرقها بالكامل، حيث تبتعد الأجزاء الأمامية والخلفية عن بعضها بمقدار 2,600 قدم.
وبعد اصطدامها بقاع المحيط، تحول الجزء الخلفي منها إلى كومة من المعادن الملتوية، في حين ظل الجزء الأمامي – الذي يحمل شكل حرف V – أكثر وضوحًا، رغم أنه مدفون جزئيًا تحت الطين بسبب شدة الاصطدام.
المسح الرقمي
تم استخدام غواصات مخصصة لفحص جميع أجزاء الحطام التي تقع على عمق حوالي 13,000 قدم تحت سطح الماء، وأظهرت الصور الجديدة في فيلم وثائقي بعنوان “تيتانيك: الإحياء الرقمي”، الذي سيتم عرضه على قناة “ناشيونال جيوغرافيك” غدًا 15 أبريل الساعة 8 مساءً.
أثر الكارثة على التاريخ
تُعدّ “تيتانيك” واحدة من أعظم الكوارث البحرية في التاريخ، حيث لقي حوالي 1,517 شخصًا حتفهم من أصل 2,224 كانوا على متنها.
ومع مرور الوقت، يتدهور الحطام بشكل سريع تحت الماء، ما يعني أنه قد يختفي تمامًا خلال الأربعين عامًا القادمة.
تيتانيك بالسينما والذاكرة
أعاد الفيلم الشهير “Titanic” (1997) بطولة ليوناردو دي كابريو وكيت وينسلت، القصة إلى الواجهة، لكنه كان مجرد لمحة من الواقع الرهيب.
فالغرق كشف الكثير من الفجوات في معايير السلامة البحرية وقتها، وأدى إلى تغييرات كبيرة في قوانين الملاحة.