في عالم كرة القدم، ووسط صخب الملاعب وهتافات الجماهير، يظل أليساندرو دل بييرو اسمًا محفورًا في ذاكرة الكرة الإيطالية والعالمية.
لم يكن دل بييرو مجرد نجم فوق العادة، بل كان رمزًا لعصرٍ كرويٍ لن يتكرر، وأسطورةً عشقتها الجماهير من نابولي حتى تورينو.. والأكثر إثارة أن نجوميته لم تتوقف عند حدود المستطيل الأخضر، بل تجاوزت ذلك إلى عالم المافيا الإيطالية الذي لطالما كان مفتونًا بهذا اللاعب الاستثنائي.
البدايات ملاعب بادوفا
وُلد أليساندرو دل بييرو عام 1974 في مدينة كونيلسانو بإيطاليا، وبدأ مسيرته مع نادي بادوفا قبل أن يخطف أنظار كشافي يوفنتوس، الذين رأوا فيه موهبةً فريدة.
انضم دل بييرو للسيدة العجوز عام 1993، ليبدأ قصة عشق مع القميص الأبيض والأسود دامت ما يقرب من عقدين، حصد خلالها كل الألقاب الممكنة.
لماذا أحبته المافيا؟
في إيطاليا، كرة القدم ليست مجرد رياضة، بل جزء من الهوية الثقافية والاجتماعية، وحتى من أروقة عالم المافيا.
دل بييرو كان معشوقًا خاصًا للمافيا الإيطالية، ليس لأنه تورط يومًا أو ثبت عليه شيء، بل لأنه مثّل النموذج المثالي للاعب “الوفي”، الذي لا يترك ناديه حتى في أصعب المحن.
حين هبط يوفنتوس إلى الدرجة الثانية بسبب فضيحة “الكالتشيو بولي” عام 2006، رفض دل بييرو كل العروض المغرية وبقي مخلصًا لفريقه، وهو تصرّف ألهب مشاعر الطبقة الشعبية، ومن بينهم شخصيات بارزة في عالم الجريمة المنظمة، الذين كانوا يعلنون — بشكل غير رسمي — عشقهم لهذا اللاعب الذي لم يخن قميصه.
رمز الوفاء والولاء
دل بييرو لم يكن فقط لاعبًا بارعًا على أرض الملعب، بل كان يحمل شخصية هادئة، متزنة، بعيدة عن الفضائح، تحمل روح الفارس النبيل الذي لا يعرف سوى الشرف الكروي.
وهو ما جعله محبوبًا لدى العامة والنخبة، وحتى لدى رجال العصابات الذين لطالما قدروا مفهوم “الوفاء” الذي جسّده دل بييرو.
اعتزال الأسطورة
في عام 2012، أسدل دل بييرو الستار على مسيرته مع يوفنتوس، بعدما حطم كل الأرقام الممكنة.
اعتزل كرة القدم بعد رحلة قصيرة في أستراليا والهند، لكنه ظل أيقونة خالدة في قلوب عشاق البيانكونيري، ولدى من أحبوه من بعيد في الظل.
أسطورة لا تتكرر
اليوم، وبعد أكثر من عقد على رحيله عن الملاعب، لا تزال صور دل بييرو تزين جدران المقاهي الشعبية في إيطاليا، وأحاديث الأحياء القديمة في الجنوب، وأسماء فرق الهواة التي تحمل رقم “10” وفاءً له.
ففي إيطاليا — وحتى في دهاليز المافيا — كان ولا يزال دل بييرو معشوقًا استثنائيًا، ليس فقط بموهبته، بل بروحه.. وقصة ولاء لم يعرفها كثيرون في عالم باتت فيه الخيانة عملةً رائجة.