تتجه أنظار العالم بقلق إلى شبه القارة الهندية، حيث تشهد العلاقات بين الهند وباكستان توترًا متصاعدًا يُنذر بصدام محتمل بين القوتين النوويتين، وَسْط دعوات دولية متزايدة لضبط النفس وتغليب صوت العقل.
قرار إسلام آباد
فالعالم يقف على أطراف أصابعه، مترقبًا قرار إسلام آباد، بين التهدئة التي تحفظ ماء الوجه، أو رد قد يشعل فتيل حرب جديدة في منطقة مأزومة أصلًا، بينما يظل صوت العقل هو الأمل الأخير لتفادي صدام نووي محتمل.
الانتقام مؤجل
وتفاقمت الأزمة عقب الضربات الجوية التي شنتها الهند على مواقع داخل الأراضي الباكستانية، في ردٍ وصفته نيودلهي بأنه “مركّز ومدروس وغير تصعيدي”، وذلك عقب هجوم سابق في كشمير أوقع عددًا من القتلى. وعلى الرغم من تعهّد باكستان بالانتقام، فإنها لم ترد عسكريًا حتى اللحظة، في خطوة فُسرت على أنها محاولة لحفظ ماء الوجه وتجنّب التصعيد.
إعلام البلدين يحتفل بالنصر
احتفت وسائل الإعلام في الهند بما أسمته “ضربات العدالة”، حيث عبّرت صحف كبرى مثل ذا إنديان إكسبريس عن فخرها بالرد العسكري، معتبرة أن “العدالة تحققت”. وفي المقابل، تعهّد رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف بالرد، مع إشارته إلى أن بلاده أسقطت خمس مقاتلات هندية – وهو ما لم تعترف به نيودلهي – مما أضفى على المشهد مزيدًا من الغموض والتوتر.
الحرب مستبعدة ولكن
يرى خبراء أن مستقبل التصعيد مرتبط بـ الخطوة المقبلة لإسلام آباد، حيث أشار مايكل كوجلمان، خبير شؤون جنوب آسيا، إلى أن الخيار الأمثل لباكستان هو الادعاء بالنصر وتجنب الرد العسكري، محذرًا من أن أي تصعيد آخر قد يؤدي إلى نتائج “كارثية”.
من جانبه، قال ميلان فايشناف، من مؤسسة كارنيجي، إن باكستان قد تستغل فقدان الهند لإحدى طائراتها المتطورة من طراز رافال – حَسَبَ مصادر فرنسية – للإعلان عن “نصر عسكري”، حتى وإن لم تكن هناك تفاصيل مؤكدة.
كابوس نووي بالأفق؟
الهند وباكستان خاضتا ثلاث حروب سابقة، معظمها بسبب النزاع المزمن على إقليم كشمير، ويجمع معظم المحللين على أن البلدين لا يستطيعان تحمّل كلفة حرب جديدة، لا سيما في ظل تفوق الهند العسكري والاقتصادي، حيث يتفوق اقتصادها على باكستان بنحو 10 أضعاف.
ورغم تفوق نيودلهي، تشير تقارير دولية إلى أن أي مواجهة موسعة قد تُلحق بها خسائر جسيمة، لا سيما في ظل تحديات أمنية أخرى تواجهها، أبرزها التوتر مع الصين على الحدود الشرقية.
ضغوط دولية
تواصلت الهند مع شركاء دوليين من بينهم الولايات المتحدة وروسيا ودول الخليج، لحشد دعم دبلوماسي والضغط على باكستان لعدم التصعيد. وفي الوقت نفسه، دعت الصين إلى التهدئة، غير أن علاقاتها المتوترة مع الهند تقلل من فرص لعبها دور الوسيط الفعال.
أما الولايات المتحدة، التي تدخلت تاريخيًا في مثل هذه الأزمات، فلا يزال موقفها غير واضح حتى الآن، في ظل تغير الأولويات الاستراتيجية للإدارة الأمريكية.
الجيش الباكستاني يلوّح بالرد
من جهته، صرّح قائد الجيش الباكستاني الجنرال عاصم منير بأن القوات المسلحة ستتصدى لأي عدوان هندي، في نبرة تنذر بأن باب التصعيد لا يزال مفتوحًا، على الرغْم التمنيات الدولية بالاحتواء.