تصاعدت حدة الأزمة السياسية في الولايات المتحدة عقب الهجوم العسكري الذي شنّته القوات الأمريكية فجر اليوم الأحد على منشآت نووية إيرانية، حيث طالبت النائبة الديمقراطية في الكونجرس الأمريكي، ألكسندريا أوكازيو كورتيز، بعزل الرئيس دونالد ترامب، معتبرةً أن القرار الذي اتخذه يمثل أساسًا واضحًا لعزله من قبل الكونجرس.
وفي منشور لها عبر منصة “إكس”، وصفت كورتيز، المعروفة بمواقفها المعارضة لترامب، القصف الأمريكي بأنه “قرار كارثي”، مشيرة إلى أنه انتهاك صارخ للدستور ولصلاحيات الكونجرس الحصرية في إعلان الحروب. وأكدت أن ترامب “اندفع بمغامرة عسكرية قد تجر الولايات المتحدة إلى صراع طويل الأمد”، مؤكدة أن هذا التصرف يعد مبررًا كافيًا وواضحًا لعزله.
وكانت الولايات المتحدة قد نفّذت فجر اليوم هجومًا جويًا واسع النطاق استهدف ثلاث منشآت نووية إيرانية رئيسية في كل من فوردو ونطنز وأصفهان، في تصعيد عسكري خطير جاء وَسْط تصاعد التوتر بين طهران وتل أبيب، ودخول واشنطن رسميًا على خط المواجهة، الأمر الذي أثار مخاوف واسعة من تداعيات خطيرة على أمن واستقرار المنطقة.
من جهته، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن العملية “كانت ناجحة للغاية”، مؤكداً أن “الآن هو وقت السلام”. وفي رد فوري، أطلقت إيران نحو 30 صاروخًا باتجاه مناطق في شمال ووسط إسرائيل، ما أسفر عن إصابة 27 شخصًا.
ووصف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الهجوم الأمريكي بأنه “انتهاك جسيم” لميثاق الأمم المتحدة وللقانون الدَّوْليّ، محذرًا من أن بلاده تحتفظ بحقها الكامل في الدفاع عن سيادتها، ومهددًا باستهداف القواعد الأمريكية في حال اتسع نطاق الصراع.
في سياق متصل، أعلنت السلطات الإيرانية طمأنة سكان مدينة قم القريبة من منشأة فوردو النووية، مؤكدة أن المنشأة محصنة داخل جبل ولا تمثل خطراً مباشراً على السكان. كما كشفت تقارير محلية عن تنفيذ حكم الإعدام بحق مجيد مسيبي، المتهم بالتجسس لصالح جهاز الموساد الإسرائيلي، في خطوة تعكس تشديد القبضة الأمنية وَسْط التصعيد المتزايد.
وعلى صعيد الرد العسكري، أعلن الحرس الثوري الإيراني استخدام صاروخ “خيبر” الباليستي متعدد الرؤوس لأول مرة، حيث تم إطلاق أربعين صاروخًا بالوقودين السائل والصلب ضمن عملية الرد العسكري التي أطلق عليها “الوعد الصادق 20”.
وكشفت مصادر إيرانية أن معظم اليورانيوم عالي التخصيب الموجود في منشأة فوردو تم نقله إلى موقع غير معلن قبيل الهجوم، مع تقليص أعداد العاملين في الموقع إلى الحد الأدنى.
وفي أول بيان رسمي عقب الهجوم، أعلنت الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية أن المنشآت النووية في فوردو ونطنز وأصفهان تعرضت لهجوم من “الأعداء”، معتبرة أن ذلك يعد انتهاكًا للقانون الدُّوَليّ. وأكدت الوكالة أن إيران لن تتوقف عن تطوير برنامجها النووي، وأدرجت اتخاذ الإجراءات اللازمة، بما فيها القانونية، على جدول أعمالها.
من الجانب الإسرائيلي، أعرب وزير الدفاع يسرائيل كاتس عن شكره للرئيس الأمريكي على ما وصفه بـ”القرار التاريخي” بتدمير المنشآت النووية الإيرانية، معتبرًا أن الهدف من الضربة هو منع إيران من امتلاك سلاح نووي وضمان استمرار العمليات الإسرائيلية في المنطقة.
في الوقت ذاته، أفادت خدمات الإسعاف الإسرائيلية (نجمة داوود الحمراء) عن إصابة 16 شخصًا في الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير. فيما ذكرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن عدة صواريخ سقطت في وَسْط إسرائيل بعد انطلاق صافرات الإنذار، بينما سقط صاروخ واحد في مدينة حيفا دون أن تُسمع صفارات إنذار قبل وقوعه.
دوليًا، طالبت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة بعقد جَلسة طارئة لمجلس الأمن الدُّوَليّ لبحث “العدوان الأمريكي السافر وغير القانوني”، داعية المجلس إلى تحمّل مسؤولياته واتخاذ التدابير المناسبة.
وفي أوروبا، دعا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إيران إلى العودة للمفاوضات سعيًا لحل دبلوماسي ينهي الأزمة، معتبرًا أن البرنامج النووي الإيراني يمثل تهديدًا خطيرًا للأمن الدُّوَليّ، ومشيدًا في الوقت نفسه بالإجراء الأمريكي للحد من هذا التهديد. كما شدد على أهمية استقرار منطقة الشرق الأوسط في ظل الأوضاع المتوترة.
بدورها، دعت السعودية إلى احترام سيادة الدول وتجنّب التصعيد العسكري، بينما طالبت قطر بضرورة ضبط النفس والعودة إلى طاولة الحُوَار كخيار وحيد لحل النزاع.
وفي تطور لافت، أعلنت جماعة الحوثي في اليمن أن اتفاق وقف إطلاق النار مع الولايات المتحدة أصبح “لاغيًا”، مهددةً بالرد على الهجوم الأمريكي.