في أعماق جبال الأنديز في بوليفيا، بدأ بركان “أوتورونكو“، الذي ظل خامدًا لأكثر من 250 ألف عام، يُظهر مؤشرات مقلقة على قرب ثوران محتمل. ويصف العلماء هذا البركان بـ”بركان الزومبي”، نظرًا لعودته إلى النشاط بعد فترة سكون طويلة للغاية.
وقد أثار البركان اهتمام الأوساط العلمية مؤخرًا، عقب رصد سلسلة من الزلازل المتكررة، وارتفاع معدلات انبعاث الغازات من فوهته، إلى جانب تشوه في تضاريس المنطقة المحيطة به، حيث بدأ سطح البركان يتخذ شكل قبعة “السومبريرو”، مع ارتفاع في المركز وهبوط في الأطراف — دلالة على نشاط داخلي غير معتاد.
وقاد فريق بحثي من جامعة أكسفورد البريطانية، باستخدام تقنيات تصوير زلزالي متطورة أشبه بالأشعة الطبية، لرسم صورة ثلاثية الأبعاد لما يجري أسفل سطح الأرض. وأظهرت الصور وجود مسارات تتحرك خلالها سوائل وغازات شديدة السخونة في طريقها نحو السطح، ما يشير إلى تراكم ضغوط هائلة تحت القشرة البركانية قد تسبق حدوث انفجار عنيف.
وتكمن الخطورة في موقع البركان، إذ يقع على مقربة من ثلاث بلدات صغيرة، وبين مدينتين كبيرتين في أمريكا الجنوبية: لاباز عاصمة بوليفيا، وسانتياغو عاصمة تشيلي، مما يعني أن أي ثوران قد يتسبب في كارثة إنسانية وبيئية واسعة النطاق، تشمل تدفقات الحمم البركانية، وتراكم الرماد البركاني على مساحات واسعة قد تمتد إلى الأرجنتين.
وحتى الآن، تم رصد أكثر من 1700 هزة أرضية صغيرة في محيط البركان، ما دفع العلماء إلى وضعه تحت مراقبة دقيقة. ويرى الخبراء أن هذه الظاهرة ليست نادرة، فهناك العديد من البراكين حول العالم توصف بأنها “زومبي”، إذ توقفت عن النشاط منذ قرون، لكنها لا تزال تحتفظ بخطورة كامنة. من أبرزها “كالديرا يلوستون” في الولايات المتحدة، الذي لم يشهد ثورانًا هائلًا منذ 70 ألف عام، إلا أنه لا يزال يخضع لمراقبة مستمرة.
وفي سياق مشابه، يشهد بركان “سبور” في ألاسكا هو الآخر مؤشرات متزايدة لاحتمال ثورانه في غضون أسابيع أو أشهر. وتتمثل خطورة هذا البركان في قربه من مدينة أنكوراج، التي يقطنها أكثر من 300 ألف نسمة، فضلًا عن احتضانها واحدًا من أكبر مطارات الشحن الجوي في العالم.
ويحذر الخبراء من أن أي ثوران في هذه المنطقة قد يؤدي إلى تعطيل حركة الطيران، إذ أن الرماد البركاني له تأثير بالغ الخطورة على محركات الطائرات وأجهزتها الإلكترونية والملاحية. وقد شهدت المنطقة حادثة مشابهة في عام 1992، حين تسبب ثوران بركاني في تعليق حركة الطيران لأكثر من 20 ساعة، وتغطية المدينة بطبقة كثيفة من الرماد.