تحل اليوم، 20 مايو، الذكرى الثالثة لرحيل الفنان والإعلامي الكبير سمير صبري، أحد أبرز رموز الفن والإعلام في مصر والعالم العربي.
المولد والنشأة
وُلد سمير صبري بمدينة الإسكندرية عام 1936، وتخرج في مدرسة “فيكتوريا كوليدج” العريقة، التي أسهمت في تشكيل وعيه الثقافي واللغوي منذ الصغر.
امتلك صبري منذ الصغر مواهب متعددة، تنوّعت بين التمثيل والغناء وتقديم البرامج، مما أهّله ليكون أحد أعمدة الساحة الفنية والإعلامية لعقود.
على الرغْم من انفصاله المبكر عن أسرته، قرر الانتقال إلى القاهرة لتحقيق حلمه الفني، وهناك، حمل القدر له مفاجأة خاصة، إذ سكن في ذات العَقَار الذي كان يقطنه العندليب عبد الحليم حافظ. توطدت بينهما صداقة وطيدة، شكّلت دعمًا كبيرًا لسمير صبري في بداية مسيرته.
بدأ مشواره الإعلامي من خلال برنامج الأطفال “ركن الطفل”، بمساندة الفنانة لبنى عبد العزيز، ومنه انطلق إلى عالم الإذاعة، حيث قدّم فقرات غنائية باللغتين العربية والإنجليزية، لفت بها الأنظار إلى موهبته.
لاحقًا، تبنّته الإذاعية الراحلة آمال فهمي، ومنحته فرصة تقديم برنامجه الخاص. وكان أول أجر يتقاضاه في بداية مسيرته 50 قرشًا، قبل أن يتألق في عدد من أشهر برامج التلفزيون المصري، منها “هذا المساء”، و”النادي الدُّوَليّ”، و”كان زمان”، حيث أدار حوارات مع كبار نجوم الفن والسياسة، كاشفًا جوانب إنسانية خفية في شخصياتهم.
في السينما، شارك في عشرات الأفلام، من بينها “جحيم تحت الماء”، و”الجَلسة سرية”، و”علاقات مشبوهة”.
كما أسّس شركة إنتاج، وتفرّغ لاحقًا للأعمال الدرامية، مقدمًا أدوارًا مميزة في مسلسلات مثل “ملكة في المنفى”، و”حضرة المتهم أبي”؛ وكان آخر ظهور فني له من خلال مسلسل “فلانتينو” مع الزعيم عادل إمام.
حياة هادئة وزواج مبكر
رغم ندرة حديثه عن تفاصيل حياته الخاصة، كشف سمير صبري في مناسبات محدودة عن زواجه من فتاة إنجليزية تُدعى “مورين”، ابنة دبلوماسي رفض زواجه منها لكونه مصريًا.
إلا أن الفتاة أصرّت على الارتباط به، فتزوجا وهو في التاسعة عشرة من عمره، وأنجبت منه ابنه الوحيد.
استمر الزواج أربع سنوات فقط، حيث رغبت الزوجة لاحقًا في اصطحابه وابنهما إلى إنجلترا وترك العمل الفني، الأمر الذي رفضه صبري بشدة.
ظل الابن في مصر لفترة، قبل أن ينتقل لاحقًا للإقامة في مدينة “نيوكاسل” البريطانية، حيث يعيش الآن مع أبنائه الثلاثة.
وداع مؤثّر
في أيامه الأخيرة، سجّل سمير صبري حلقة خاصة من برنامجه الإذاعي “ذكرياتي” من داخل المستشفى، وجّه خلالها رسالة وداع مؤثرة، قال فيها: “لم أتخيّل يومًا هذا الحب الكبير بعد دخولي المستشفى… أقول لنفسي اصبر، إن بعد العسر يسرا… لا تنسوني من دعائكم، ولا شيء في الدنيا يعلو فوق الصحة وراحة البال والرضا.”
توجّه بالشكر لكل من دعمه وزاره، وعلى رأسهم الفنانة ليلى علوي، ووزيرة الثقافة السابقة الدكتورة إيناس عبد الدايم، والفنان أشرف زكي، نقيب الممثلين.
في 20 مايو 2022، رحل سمير صبري عن عالمنا داخل أحد فنادق القاهرة عن عمر ناهز 86 عامًا، بعد صراع مع المرض. وقد حرص الوَسْط الفني على تكريمه بعد وفاته، حيث مُنح اسمه درع مهرجان المركز الكاثوليكي للسينما في دورته الـ72 عن دوره في فيلم “حدث في 2 طلعت حرب”، وتسلم الدرع الفنانان سميرة أحمد وحسين فهمي نيابة عنه.