في عالم كرة القدم، لا تُروى الحكايات العظيمة إلا عن أولئك الذين تحدّوا المستحيل، وكتبوا أسماءهم في سجل الخالدين.
ومن بين هؤلاء، يبرز اسم ديدييه دروجبا، النجم الإيفواري الذي بدأ مشواره من أحياء أبيدجان الفقيرة، ليصبح أحد أعظم المهاجمين في تاريخ اللعبة.
النشأة والبدايات الصعبة
وُلد ديدييه دروجبا عام 1978 في مدينة أبيدجان بساحل العاج، وَسْط ظروف معيشية متواضعة.
وعندما بلغ الثامنة من عمره، اضطر إلى السفر إلى فرنسا للعيش مع عمه، الذي كان لاعب كرة قدم محترفًا، بحثًا عن حياة أفضل. ورغم معاناة الغربة وقسوة الظروف، تمسّك دروجبا بحلمه الكبير: أن يصبح يومًا لاعب كرة قدم مشهور.
انطلاقته نحو الاحتراف
لم يكن طريق دروجبا مفروشًا بالورود؛ إذ بدأ مشواره متأخرًا نسبيًّا، وانضم إلى أندية صغيرة في فرنسا مثل: نادي لو مان، نادي جانجون، ثم انتقل إلى نادي مارسيليا.
وفي مارسيليا، سطع نجم دروجبا بشكل لافت، وسجل أهدافًا رائعة جعلت أعين أندية أوروبا الكبرى تلاحقه.
تشيلسي
في عام 2004، انتقل دروجبا إلى نادي تشيلسي الإنجليزي في صفقة قياسية آنذاك.
وهناك بين أحضان الأزرق، بدأت مرحلة المجد؛ إذ قاد فريقه لتحقيق العديد من البطولات: أهمها الفوز ببطولة الدوري الإنجليزي الممتاز أربع مرات، كما إحراز كأس الاتحاد الإنجليزي أربع مرات.
فيما يعد التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا عام 2012، هو الأعظم في تاريخ “دروجبا” حين سجّل هدف التعادل الحاسم في المباراة النهائية ضد بايرن ميونيخ، وسدّد الركلة الترجيحية الأخيرة التي منحت تشيلسي أول لقب أوروبي في تاريخه.
أدوار إنسانية ووطنية
لم يكن دروجبا مجرد لاعب كرة قدم، بل كان رمزًا إنسانيًّا وقوميًّا في بلاده؛ إذ ساهم بمبادرته في إنهاء الحرب الأهلية التي عصفت بساحل العاج. كما أسس مشروعات خيرية، بينها مستشفيات ومرافق صحية لخدمة أبناء وطنه.
إرث خالد
لا يُمكن حصر ما قدمه ديدييه دروجبا للعبة كرة القدم في أرقام وبطولات فحسب، فقد كان مثالًا حيًّا على أن الإرادة الصلبة والإيمان بالنفس قادران على تحويل المستحيل إلى حقيقة.
فأسطورة النجم الإيفواري من لاعب نشأ في أحياء فقيرة، إلى أسطورة كروية وملهم للملايين حول العالم ستظل تُروى على مدار الأجيال.