في وقت تتصاعد فيه أعمدة الدخان من جرّاءِ القصف المتبادل بين إسرائيل وإيران، وتدوي صفارات الإنذار في مختلف المدن الإسرائيلية، أثار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو موجة من الغضب والسخرية داخل الأوساط الإسرائيلية عقب تصريحاته الأخيرة حول “الثمن الشخصي” الذي تدفعه عائلته من جرّاءِ الحرب، والمتمثل في إلغاء زفاف نجله للمرة الثانية.
جاء ذلك خلال زيارة أجراها نتنياهو إلى مستشفى “سوروكا” بمدينة بئر السبع جنوب إسرائيل، عقب تعرضه لقصف صاروخي إيراني في إطار التصعيد العسكري المتواصل بين الجانبين.
وفي رده على سؤال بشأن زفاف نجله “أفنير”، قال نتنياهو: “هناك أثمان شخصية يدفعها الجميع، وعائلتي ليست استثناء”.
وأضاف:” هذه هي المرة الثانية التي يُلغى فيها حفل زفاف ابني أفنير بسبب الأوضاع الأمنية، وهذا أمر صعب عليه، وعلى خطيبته، وعلى والدته سارة أيضًا، التي أعتبرها بطلة لأنها تتحمل هذا الثمن منذ سنوات بسبب قيادتي للتحرك ضد إيران.”
غضب شعبي واسع
تصريحات نتنياهو حَسَبَ “العين الإخبارية”، فجّرت موجة استياء واسعة في الأوساط السياسية والشعبية، خاصة بين عائلات الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة منذ هجوم طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023.
وفي تعليق لافت، قالت أنات إنجرست، والدة الجندي الأسير ماتان إنجرست، عبر حسابها على منصة “إكس”: “لم تفلت عائلتي أيضًا من هذا الثمن الشخصي.. ابني يقبع في سجون غزة الجهنمية منذ 622 يومًا.. ابني ينتظرك لإنقاذه.” “على حد قولها”.
كما أبدت فيكي كوهين، والدة الجندي المحتجز نِمرود كوهين، استياءها من تصريحات نتنياهو قائلة: “سيدي رئيس الوزراء، أعلم أن إلغاء حفل زفاف أمر مزعج، ولكنني لم أنم ليلة واحدة كاملة منذ 622 يومًا. حان الوقت لوضع حد لهذا الكابوس.”
اتهامات بالنرجسية
وفي سياق متصل، هاجم جلعاد كاريف، عضو الكنيست عن الحزب الديمقراطي، رئيس الوزراء قائلًا: “بنيامين نتنياهو نرجسي بلا حدود؛ أعرف الكثير من العائلات التي لم تؤجل حفل زفاف، بل فقدت أحباءها الذين كان يُفترض أن يُقام زفافهم يومًا ما، لكن الموت خطفهم بسبب هذه الحروب.”
وأضاف ساخرًا من إشادة نتنياهو بزوجته: “الأبطال الحقيقيون هم الأطباء الذين يتركون منازلهم للعمل في نوبات ليلية تحت القصف، والمعلمون الذين يبقون طلابنا متماسكين عبر تطبيقات الإنترنت والمكالمات، وليس سيدة تُعرف في إسرائيل بذوقها الباذخ.”
نتنياهو يُقدّم نفسه على حساب الشعب
وفي تعليق مماثل، قال الصحفي الإسرائيلي أمير تيبون: “الشخصيات العامة التي فقدت أبناءها في ساحة القتال لا تتحدث عن تضحياتها بهذه الطريقة”.
وأضاف :”لا شيء يفاجئنا مع نتنياهو. حتى في أحلك اللحظات، التي تستدعي قدوة إنسانية، يحرص على وضع نفسه في المقدمة.”
التصعيد مع إيران
وتأتي هذه الموجة من الانتقادات في وقت حساس تشهد فيه إسرائيل تصعيدًا عسكريًا خطيرًا مع إيران، حيث أفادت السلطات الإسرائيلية بمقتل 24 مدنيًا إسرائيليًا حتى الآن، فيما تشير تقديرات حقوقية في واشنطن إلى أن عدد الضحايا المدنيين في إيران تجاوز 263 شخصًا من جرّاءِ الضربات المتبادلة.
وبحسب صحيفة “الجارديان” البريطانية، اعتبر مراقبون أن تصريحات نتنياهو الأخيرة تُظهر انفصالًا متزايدًا عن الواقع الإسرائيلي اليومي بعد أكثر من 17 عامًا في السلطة.