كتب: أنور العواضي
سارعت الدول العربية إلى العمل على إعطاء قوة إلزامية للقرار من مجلس الأمن الدولي، في ظل ترحيب عربي ودولي واسع بالقرار التاريخي لمحكمة العدل الدولية، التي كانت قد أمرت إسرائيل امس الجمعة باتخاذ كافة التدابير في حدود سلطتها لمنع الإبادة الجماعية” في قطاع غزة، مؤكدة أنها ستفرض إجراءات طارئة في القضية بموجب اتفاق منع الإبادة الجماعية،
ولكن رغم هذا كله هناك انتكاسة مريرة وخيبة أمل كبير في الوقت الذي لم يشمَل القرار وقف فوري لإطلاق النار في غزة.
وأحال الأمين العام في المنظمة الدولية” أنطونيو غوتيرش” التدابير الموقتة لمحكمة العدل الدولية، إلى مجلس الأمن الدولي قائلًا أن “قرارات المحكمة الدولية التي تعتبر الجهة القضائية، للأمم المتحدة ملزمة، وبأنه على ثقة بأن جميع الأطراف ستمتثل لها”.
موقف عربي ودولي
وتحرك العرب في معركةٍ دبلوماسية، حيث أعلنت الخارجية الجزائرية أن بعثتها في الأمم المتحدة تلقت تعليمات لطلب “عقد اجتماع لمجلس الأمن في أقرب وقت، بهدف إعطاء قوة إلزامية لحكم المحكمة”.معتبرةً أن صدور الحكم هو عبارة عن “بداية لنهاية حقبة الإفلات من العقاب” التي استغلتها إسرائيل “لاضطهاد الشعب الفلسطيني وقمع جميع حقوقه المشروعة”.
وقالت دولة قطر أن القرار الذي صدر عن محكمة العدل الدولية هو بمثابة انتصارًا للإنسانية كما اعتبرته سيادةً لحكم القانون والعدالة الدولية، مأكدةً عبر خارجيتها أن “صدور أمر العدل الدولية بغالبيةٍ ساحقة، يعكس الحجم الكبير لخطر الإبادة الجماعية المحدق بالأشقاء الفلسطينيين في القطاع، وهذا أمرٌ يستلزم ضمان تنفيذ كافة الإجراءات الموقتة.
وطالبت جمهورية مصر العربية بواسطة خارجيتها الخارجية من إسرائيل الالتزام بالتنفيذ الفوري لكافة التعليمات التي وردت في قرارات محكمة العدل الدولية بشأن غزة، معتبرةً أن خطوة محكمة العدل الدولية هذه؛ تمثل بداية لتنفيذ قواعد القانون الدولي التي تضمن حماية الشعب الفلسطيني وصد الاعتداءات والانتهاكات التي تنفذه قوات الاحتلال الإسرائيلي ضده الشعب الفلسطيني.
كما شددت القاهرة “على ضرورة تنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية واحترامها كونها الجهاز القضائي للأمم المتحدة ونوَّهت إلى أنها “كانت تتطلع إلى أن تطالب محكمة العدل الدولية بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، كما قضت العدل الدولية في حالات مماثلة”.
فيما رحبت المملكة العربية السعودية عبر وزارة خارجيتها بالقرار الابتدائي الصادر عن محكمة العدل الدولية ، رافضةً الممارسات الإسرائيلية التي اعدتها انتهاكًا لاتفاق الأمم المتحدة في شأن “الإبادة الجماعية”.
كما أشادت الخارجية السعودية بالجهود التي تبذلها جمهورية جنوب أفريقيا لرفع الدعاوى وشددت على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي التدابير اللازمة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، لحماية الفلسطينيين، ومحاسبة قوات العدو الإسرائيلي على انتهاكاتهِ للقانون الدولي.
من جهتهِ دعا وزير الخارجية الإيراني حسين” أمير عبداللهيان” إلى مثول سلطات الاحتلال أمام العدالة بعد أن أمرت محكمة العدل، إسرائيل باتخاذ إجراءات لمنع أعمال الإبادة الجماعية في غزة.
وفي السياق ذاته رحب الرئيس التركي” رجب طيب أردوغان” ، بقرار محكمة العدل الدولية، ووصف القرار بالقيّم.
كما طالب “الاتحاد الأوروبي” من إسرائيل وحركة “حماس”، الامتثال الكامل والفعال لأوامر محكمة العدل الدولية لأنها ملزمة لجميع الأطراف.
فيما طالب رئيس الوزراء الإسباني “بيدرو سانشيز ” بضرورة تنفيذ الإجراءات الموقتة، التي صدرت عن المحكمة، مرحبًا بالقرار وقال أن بلاده “ستواصل الدفاع عن السلام من أجل إخماد الحرب بشكل كامل، والوصول إلى المساعدات الإنسانية وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، حيث يتعايش البلدان بأمن وسلام”.
الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية
وطالبت حركة “حماس” المجتمع الدولي بإلزام دولة الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ كافة قرارات المحكمة، ووقف الإبادات الجماعية المستمرة بحق الشعب الفلسطيني، كما أنها أشادت بالموقف الأصيل لجنوب أفريقيا ودعمها الشعب الفلسطيني وعدالة قضيته، مؤكدة أنها تتطلع إلى القرارات النهائية للمحكمة بإدانة إسرائيل بارتكاب “جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية”.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني “محمد اشتية” أنه كان يأمل بأن يتضمن قرار محكمة العدل وقفًا فورياً لإطلاق النار، بالنظر إلى معاناة الشعب الفلسطيني الشديدة التي يكابدها أبناء قطاع غزة من مجازر يومية، مشيرًا إلى أن القرار “ينطوي على درجة عالية من الأهمية لأنه يضع إسرائيل في قفص الاتهام كمجرمة حرب”.
كما نوَّه “اشتية” أن هذه المرة هي الأولى التي تقف فيها إسرائيل بهذه الصفة أمام محكمة العدل، موضحًا إلى أن ذلك يعني “انتهاء الوقت الذي تفلُت فيه إسرائيل من العقاب”.
وعبّر اشتية عن أمله بأن تستكمل محكمة العدل الدولية مداولاتها إلى وقت صدور القرار النهائي الذي يدين إسرائيل على ما ترتكبه من جرائم إبادة جماعية بشكل جماعي وتطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني، والتي لم يشهد لها العالم مثيلاً منذ الحرب العالمية الثانية”.
من جانبه وصفت دولة الاحتلال مزاعم الإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية بالـ”سخيفة”
كما قالت بأنها”ستواصل القتال كالمعتاد، إذ وصفت محاكمتها في محكمة العدل دولية بتهمة ارتكابها جريمة الإبادة أنه “أمر شائن ووصمة عار لن تُمحى”، وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، “سنواصل الحرب حتى نهزم ’حماس‘ ونعيد جميع المختطفين، ونضمن أن غزة لم تعد تشكل تهديداً لإسرائيل”
نكسةٌ مريرة
تشعر حكومة نتنياهو بالرضى وذلك لعدم استجابة المحكمة للدعوى التي تقدمت به جمهورية جنوب أفريقيا، بخصوص الوقف الفوري للحرب في قطاع غزة، وتظهر هذه الانتكاسة بجلاء في خروج وزيرة خارجية جنوب أفريقيا” “ناليدي باندور” بعد صدور القرار إلى أمام مقر المحكمة في” لاهاي” لتُعبِّر عن خيبة أملها المريرة، وذلك لعدم ذكر القرار الصادر عن محكمة العدل الدولية لوقف إطلاق النار، مضيفةً أن تطبيق ذلك القرار يستوجب وجود وقف لإطلاق النار؛ كما أشارت إلى أن الشهر المقبل سيقدم مؤشرات واضحة، حول احترام إسرائيل للقانون الدولي، محذرةً للدول الداعمة لدولة الاحتلال بأنها سوف تصبح طرفًا في قضية الإبادة إذا ما استمرت في تقديم الدعم لها لشن الخرب على غزة وعلى رأس تلك الدول الولايات المتحدة الأميركية، سيما بعد أن دعت تل أبيب، إلى اتخاذ التدابير اللازمة؛ لتخفيف الضرر اللاحق بالمدنيين وزيادة تدفق المساعدات.
ورفضت خارجية واشنطن، مزاعم الإبادة الجماعية ضد إسرائيل وقالت إنه “لا أساس لها من الصحة ” وأعطت الضوء الأخضر لإسرائيل في اتخاذ إجراءات من شأنها تضمن عدم تكرار عملية طوفان الأقصى، في السابع من أكتوبر العام الماضي.