في مشهد بطولي نادر، سطر السائق المصري خالد محمد شوقي، ابن محافظة الدقهلية، أسمى معاني التضحية والفداء، حين واجه الموت بجرأة لينقذ مدينة العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية من كارثة محققة.
زفاف نجله
كان خالد يعمل سائقًا لشاحنة تحمل مواد بترولية، ويعيل أسرة مكونة من ثلاث بنات وولد، وكان يستعد خلال أيام قليلة للاحتفال بزفاف نجله، المقرر إقامته في 19 يونيو الجاري. لكن القدر كان له كلمة أخرى.
بداية الواقعة
تعود تفاصيل الحادث إلى الأسبوع الماضي، حين اندلعت النيران فجأة داخل محطة وقود بمدينة العاشر من رمضان، إثر انفجار خزان الشاحنة المحملة بالمواد البترولية بسبب ارتفاع درجة حرارته.
ومع تصاعد ألسنة اللهب وامتدادها، باتت المدينة مهددة بكارثة كبرى قد تودي بحياة العشرات، خاصة مع قرب المحطة من المناطق السكنية المزدحمة.
بطولة خالد
في تلك اللحظات العصيبة، لم يتردد السائق خالد محمد شوقي، واندفع وَسْط النيران نحو مقعد القيادة، غير آبه بالخطر الداهم الذي يحيط به.
وَسْط ذهول الحضور، قاد السيارة المشتعلة بسرعة خارج المحطة، محاولًا إبعادها عن خزانات الوقود التي لو التهمتها النيران، لأحدثت انفجارًا هائلًا قد يأتي على المحطة والمنطقة المحيطة بها.
وبفضل شجاعته النادرة، نجح خالد في إخراج الشاحنة إلى الشارع، ليحول دون وقوع الكارثة؛ وعلى الفور تداول المواطنون مقاطع فيديو وصورًا لهذا المشهد البطولي، مصحوبة بكلمات الإعجاب والإشادة بما قام به.
الإصابة والنقل للمستشفى
لم تسلم شجاعة خالد من الأذى، فقد أُصيب بحروق شديدة في أثناء محاولته إنقاذ الأرواح والممتلكات؛ تم نقله في بادئ الأمر إلى مستشفى محلي، ثم إلى مستشفى “أهل مصر للحروق” بالقاهرة، حيث خضع للعلاج داخل غرفة العناية المركزة، وَسْط دعوات الأهالي والأصدقاء بتماثله للشفاء.
وفاته ومراسم الدفن
ورغم الجهود الطبية المبذولة، لفظ خالد محمد شوقي أنفاسه الأخيرة داخل المستشفى، متأثرًا بإصاباته البالغة؛ وما يزال جثمانه في المستشفى بالقاهرة، في انتظار إنهاء إجراءات وتصاريح الدفن، ليُنقل إلى مسقط رأسه بقرية مبارك بمركز بني عبيد في محافظة الدقهلية، حيث سيوارى الثرى وَسْط جَنازة تليق ببطل ضحى بحياته من أجل الآخرين.
السيطرة على الحريق
يُذكر أن مديرية أمن الشرقية كانت قد تلقت إخطارًا باندلاع الحريق الضخم داخل محطة الوقود، فتم الدفع بـ 4 سيارات إطفاء، وتمت السيطرة على الحريق قبل امتداده، وأسفر الحادث عن إصابة 4 أشخاص من بينهم السائق البطل. وقد تم تحرير محضر بالواقعة، وأُحيل إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيقات.
شهيد المروءة
لم يكن خالد محمد شوقي مجرد سائق شاحنة، بل رمزًا للشهامة والمروءة في زمن عزّت فيه مثل هذه البطولات.
ولكن في النهاية ترجل الفارس عن صهوة جواده وترك خلفه أسرة مفجوعة برحيله، ومدينة دانت له بالجميل، وذكرى ستظل شاهدة على ما يمكن أن يفعله إنسان بسيط بقلب عظيم.