تعيش الدول الكبري في صراع دائم للحصول على أفضل ما توصل إليه العلم في عالم التسليح كونه أحد أهم المكاسب الاستراتيجية في دائرة الصراع العالمي وفرض النفوذ والهيمنة.
البحرية الأمريكية
وفي فلك ذلك الصراع المحموم، تحاول البحرية الأمريكية إحياء مشروع صواريخ كروز البحرية المُسلحة نوويًا، المعروف باسم SLCM-N، على الرغْم التحذيرات المتكررة من جدواه وأخطاره وتكاليفه الباهظة التي ستتحملها الخزانة الأمريكية ودافعو الضرائب.
فبحسب ما أورده موقع “ريسبونسيبل ستايت كرافت”، وعلى مدار سنوات طويلة، كانت هذه الصواريخ تُعتبر غير ضرورية للأمن القومي الأمريكي، غير أن البحرية الأمريكية تعمل الآن على تسريع تطوير المشروع، على الرغْم أنه قد يُكلّف مليارات الدولارات.
عودة المشروع
وخلال جَلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأمريكي يوم 7 مايو الجاري، صرّح نائب الأدميرال جوني وولف أن البحرية تُسارع في تطوير نظام SLCM-N إلى جانب صواريخ ترايدنت 2 D5 والصواريخ الأسرع من الصوت.
وأكد وولف أن هذا الصاروخ يوفر خيارًا إضافيًا لردع الخصوم، ويمثّل جزءًا من مكونات الدفاع النووي الأمريكي؛ في خطوة مثيرة للجدل.
وتُخطط البحرية الأمريكية حَسَبَ “العين الإخبارية”، لتزويد غواصات الهجوم السريع من طراز فرجينيا بهذه الصواريخ قصيرة المدى.
دعم محدود
على الرغْم ما يروج له بعض المؤيدين بأن المشروع ضروري للأمن القومي الأمريكي ولتوسيع نطاق الانتشار النووي الإقليمي، يرى المنتقدون أن امتلاك مثل هذه الصواريخ سيزيد من احتمالية وقوع صراع نووي عرضي، دون أن يعزز الردع فعليًا.
وأشار الباحث ويليام هارتونج من معهد كوينسي إلى أن صواريخ كروز النووية البحرية تُعد من الأسلحة المزعزعة للاستقرار، إذ سيصعب على أي خصم التمييز بين صاروخ نووي وآخر تقليدي، مما قد يؤدي إلى كارثة تبادلية عن طريق الخطأ.
أما المستشار الاستراتيجي جيف ويلسون من مركز ستيمسون، فأوضح أن هذا المشروع يُمثل تحوّلًا كبيرًا، لا سيما أن البحرية الأمريكية لطالما أعلنت أنها لا تحتاج إلى هذا السلاح ولا ترغب فيه.
أبعاد استراتيجية وسياسية
من جانبها، حذّرت الباحثة جينيفر كافانا من مركز “أولويات الدفاع” من أن تركيز واشنطن على هذا النظام النووي يُقوّض أية جهود محتملة لإجراء محادثات ضبط التسلح مع روسيا والصين.
حيث سيُصعّب على الولايات المتحدة إقناع موسكو وبكين بجديتها في هذه المفاوضات مع استمرارها في تطوير أنظمة نووية جديدة.
وفي السياق ذاته، وصف السيناتور الديمقراطي مارك كيلي هذا النظام بأنه “كارثة استراتيجية” في حال نشوب صراع مع الصين، مؤكدًا خلال جَلسة استماع للجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ في 20 مايو الجاري أن تسليح غواصات فرجينيا بهذه الصواريخ قد يُضعف من قدراتها القتالية التقليدية.
تكاليف مالية هائلة
وفي ظل ميزانيات الدفاع المتزايدة، تواصل وزارة الدفاع الأمريكية دفع المليارات نحو تحديث ترسانتها النووية.
فخلال العام الماضي، خصص الكونجرس 322 مليون دولار لهذا المشروع، تلتها إضافات بقيمة 150 مليون دولار، فيما ينص مشروع قانون “التسوية” الجديد المطروح حاليًا أمام الكونغرس على تخصيص ملياري دولار إضافية خلال السنوات الأربع المقبلة.
وفي هذا الصدد، اعتبر ويلسون أن هذا التمويل “مبلغ كبير يُنفق على سلاح لطالما أعلنت البحرية الأمريكية رفضها له طوال إدارتين متتاليتين”.
خلفية المشروع
جدير بالذكر أن البحرية الأمريكية أوقفت مشروع صواريخ TLAM-N في عام 2013 بناءً على توصية من إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2010. إلا أن إدارة دونالد ترامب أعادت طرح فكرة SLCM-N عام 2018، قبل أن تُعلّقها إدارة جو بايدن مجددًا عام 2022، على الرغْم استمرار الكونغرس في دعم وتمويل المشروع.
ورغم التقديرات العسكرية بأن تطوير هذا النظام قد يُعقّد المشهد النووي العالمي، تستمر البحرية الأمريكية في تقييماته التنفيذية، عبر مكتب برنامج أنشئ في مارس 2024 لمتابعة المشروع.