يعيش القادة على مستوى العالم أوقات عصيبة خاصة حينما تكون بلادهم في حالة مضطربة من أزمات أو حروب؛ غير أن هناك فترات حالكة السواد على المستوى الشخصي لا تقل في سوداويتها عن تلك الأحداث الدرامية على مستوى الدول ولكن خلف الأبواب المغلقة.
كوميديا سوداء
فهناك زيارات دبلوماسية على الرغم من نعومتها ألا أنها لا تخرج عن وصفها بالكوميديا السوداء لما فيها من أحداث مأساوية بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
ومن أهم أبطال تلك الحوادث ملكة بريطانيا التي على مدار 70 عامًا من حكمها، استقبلت الملكة إليزابيث الثانية عددًا كبيرًا من قادة وزعماء العالم، حتى بلغ عدد الزيارات الرسمية إلى القصر الملكي 113 زيارة.
دونالد ترامب
وتنوع ضيوف الملكة بين شخصيات مثيرة للجدل مثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وشخصيات دموية كحاكم أوغندا عيدي أمين.
لكن وفقًا لكاتب السيرة الملكية روبرت هاردمان، هناك ضيف وصفه بأنه “الأسوأ على الإطلاق”، حيث تحولت زيارته إلى كابوس حقيقي بالنسبة للملكة، وهو الديكتاتور الروماني الشيوعي نيكولاي تشاوشيسكو وزوجته إلينا.
حكم تشاوشيسكو رومانيا بقبضة حديدية لأكثر من 25 عامًا، وارتكب سلسلة من انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم بحق شعبه، إلى أن أُطيح به وقُتل رفقة زوجته في أواخر الثمانينيات عقب انهيار الاتحاد السوفيتي.
زيارة فرضها رئيس الوزراء
ورغم تحذيرات دبلوماسيي فرنسا من استضافة الزوجين الرومانيين، أصرّ رئيس الوزراء البريطاني آنذاك هارولد ويلسون على استقبال تشاوشيسكو في يونيو 1978، خلال ذروة الحرب الباردة. فالغرب كان يرى فيه شخصية مستقلة نسبيًا عن موسكو، ووسيلة محتملة لعقد شراكات تجارية، في وقت كانت بريطانيا تعاني فيه من أزمة اقتصادية خانقة.
وبحسب هاردمان، اشترط تشاوشيسكو قبل إتمام أي اتفاق تجاري أن يحظى بزيارة رسمية بكل مراسمها الملكية، بما فيها لقاء الملكة في قصر باكنجهام.
تحذيرات فرنسية
لم تكن الملكة راضية عن تلك الزيارة، بل وصفَت السيدة تشاوشيسكو في رسالة إلى السفارة البريطانية في بوخارست بأنها “أفعى”. خاصة بعد سماع شائعات عن تخريب الزوجين للرواق الدبلوماسي في قصر الإليزيه بفرنسا.
وبلغ الأمر بالملكة أن أوصت مدير القصر الملكي بإفراغ جناح الضيوف من أي قطع ثمينة، تحسبًا لما قد يحدث في أثناء إقامتهما.
الملكة تختبئ خلف شجرة
مع بدء الزيارة، ازدادت الأجواء توترًا، إذ كان تشاوشيسكو وزوجته يعتقدان أن موظفي القصر جواسيس، فكانا يتجولان في حدائق باكنجهام لتبادل الحديث سرًا بعيدًا عن أجهزة التنصت التي تخيلاها.
وفي مشهد نادر، تحكي الملكة إليزابيث أنها كانت تتنزه مع كلابها في الحديقة حينما لمحتهما يقتربان منها. فلم تجد مفراً سوى الاختباء خلف شجرة لتجنب لقائهما، في موقف هو الأول من نوعه في تاريخ زيارات القصر.
بحسب هاردمان، كان الأمر من السوء لدرجة أن الملكة نفسها قالت:
“لم يكن لدي ما يمكنني أن أقوله لهما، فقررت أن أختبئ”.
وهكذا بقيت زيارة تشاوشيسكو واحدة من أغرب وأثقل اللقاءات الرسمية في حياة الملكة إليزابيث الثانية.