في أحد أكثر الفصول المظلمة من تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وقعت مأساة إنسانية عُرفت باسم “مسيرة الدموع“، وهي سلسلة من عمليات التهجير القسري التي تعرضت لها قبائل السكان الأصليين في أمريكا خلال ثلاثينيات القرن التاسع عشر.
ففي عام 1830، وقّع الرئيس الأمريكي آنذاك أندرو جاكسون على قانون جائر يُعرف باسم “قانون إزالة الهنود”، الذي أجبر عشرات الآلاف من السكان الأصليين، من بينهم قبائل تشيروكي، مسكوكي، سيمينول، تشيكاساو، وتشوكتاو، على مغادرة أراضيهم التاريخية في جنوب شرق الولايات المتحدة، والانتقال قسرًا إلى مناطق نائية غرب نهر المسيسيبي، عُرفت لاحقًا باسم “الأراضي الهندية” في ولاية أوكلاهوما.
امتدت رحلة التهجير القسري هذه لآلاف الأميال، وَسْط ظروف قاسية من الجوع، والبرد، والأمراض الفتاكة، حيث اضطر المهجّرون إلى السير على الأقدام أو التنقل بعربات بدائية، بينما كانت الميليشيات المحلية والقوات الحكومية تفرض عليهم الانتقال بالقوة.
وخلال هذه المسيرة، لقي ما لا يقل عن 10 آلاف رجل وامرأة وطفل من قبيلة تشيروكي وحدها حتفهم، إضافة إلى آلاف آخرين من القبائل المختلفة.
وقد أُطلق على هذه المأساة اسم “مسيرة الدموع” (Trail of Tears) لما خلفته من حزن وألم ودموع، إذ كان المهجّرون يُنتزعون من أراضي أجدادهم قسرًا، ويُساقون نحو مصير مجهول.
وبحسب المؤرخين، دُفنت جثث الآلاف على جانبي الطرق الطويلة التي قطعوها، حتى تحولت تلك الطرق إلى شواهد دامية على واحدة من أعنف المآسي التي تعرض لها السكان الأصليون في التاريخ الأمريكي.
ويُذكر أن عمليات الإزالة القسرية شملت حتى الأعراق المختلطة والعبيد السود الذين كانوا يعيشون بين القبائل الأصلية.
وكانت قبيلة تشيروكي آخر من تم ترحيلهم قسرًا شرق نهر المسيسيبي في عام 1838، عقب اكتشاف الذهب في منطقة داهلونجا بولاية جورجيا عام 1828، مما أشعل ما عُرف بـ”حمى ذهب جورجيا”.
وخلال هذه المسيرة الأخيرة، هلك ما بين 2000 إلى 8000 شخص من أصل 16,543 فردًا من أبناء قبيلة تشيروكي قبل أن يبلغوا المحمية الجديدة التي خُصصت لهم.
حتى يومنا هذا، لا تزل “مسيرة الدموع” جرحًا مفتوحًا في ذاكرة الأمريكيين الأصليين، وعنوانًا للفقدان والمعاناة التي تسبب فيها قانون جائر وسياسة إقصائية مارستها الدولة الأمريكية في ذلك العصر.